تربويات




 

منهجية الانشاء الفلسفي: صيغة السؤال المفتوح

تنبه الى أن مطلب الفهم يتضمن ثلاث خطوات أساسية وهي: 1- التأطير العام للموضوع. 2- طرح الإشكال. 3- صياغة الأسئلة الجزئية.

يمكنك البداية مثلا

   من خلال المفاهيم والألفاظ المتضمنة في السؤال (كتابة أهم المفاهيم) أنه ضمن المجال الاشكالي لمجزوءة (كتابة المجزوءة وتعريفا لها)، وتحديدا ضمن مفهوم (كتابة المفهوم وتعريفا له)، اذ يعالج قضية (مثلا: هوية الشخص أو قيمة الشخص أو الشخص بين الضرورة والحرية/ أو وجود الغير أو معرفة الغير أو العلاقة مع الغير). والسؤال تتضمن مفارقة يمكن صياغتها على الشكل التالي (مثلا: إذا كان الأمر يتعلق بقيمة الشخص. إن الشخص قد يستمد قيمته من ذاته كما أنه يمكن أن يستمدها من غيره)، الشيء الذي يضعنا أمام مجموعة من الاشكالات من قبيل :هل........أم........؟ ... ؟ والى اي حد..............؟

التحليل:

تنبه الى أن مطلب التحليل يشتمل على: 1- الأطروحة وشرحها. 2- المفاهيم وشرحها والعلاقة بينها

يمكنك القول على سبيل المثال لا الحصر:

- قبل الكشف عن الأطروحة وشرحها نتوقف بداية عند أهم المفاهيم والألفاظ التي يتشكل منها السؤال، فالسؤال اشتمل على (مثلا: مفهومين أو ثلاث ....) وهي (تكتب المفتهيم والألفاظ). فالموفهوم الأول ... يفيد حسب سياق السؤال (.....)، كما نجد مفهوم (....) والذي يحيل إلى (....)، أما لفظ (....) فيحيل إلى (....).
-
انطلاقا من البنية المفاهيمية للسؤال نكشف عن الأطروحة المفترضة فيه وهي (( كتابة الأطروحة وشرحها بما لذيك من أفكار واستششهادات حول الموضوع))، طبعا يمكنك الاستئناس بأفكار الفلاسفة الذين درست وصياغتها بطريقة الخاصة.

هذا سؤال يمكنك الانتقال بواسطته إلى المناقشة. لكن هل استطاعت هذه الاطروحة السابقة الإجابة بشكل قطعي على الاشكال المطروح ؟ وهل يعتبر هذا هو الرأي هو الوحيد للإجابة عن الإشكال ؟ 

 

المناقشة:

تنبه الى أن مطلب المناقشة يتضمن خطوتين أساسيتين وهما: 1- قيمة الأطروحة ومحدوديتها. 2- الإنفتاح على آراء أخرى لإغناء النقاش.

يمكنك القول على سبيل المثال لا الحصر:

- إن للأطروحة التي سبق تحليها قيمة فكرية وفلسفية تتجلى في (تقول نقط قوة الأطورحة التي حللت)، إلا أن هذه الأطروحة لم تتمكن من (تذكر نقط ضعفها أي ما لم تشمله الأطروحة)

- بناءا على ذلك يمكننا استحضار تصور الفيلسوف (..........) الذي يرى أن (........)، وفي مقابل ذلك يمكن استحضار موقف (……) الذي يدافع على أن (....). كما يمكننا الوقوف عند تصور (.........) الذي أكد على أن (......)

التركيب:

تنبه الى أن مطلب التركيب كما سبق وأن عرفت يشتمل على خطوتين وهي: 1- استخلاص نتائج التحليل والمناقشة. 2- الرأي الشخصي.

- من خلال تحليل ومناقشة السؤال أعلاه يتبين أن قضية (القضية التي حللت وناقشت) قضية مركبة شأنها شأن القضايا الفلسفبة، فقد  أفرزت مواقف وآراء مختلفة وأحيانا متعارضة. فإذا كان (كتابة أحد الفلاسفة) قد أكدوا على أن (……)، فان الفيلسوف (........) قد اتجه إلى الاعتقاد بأن (.......).

- وفي الأخير/غير أنه، يمكننا القول بأن قضية (.....) تحتمل إجابات متعددة، نظرا لطابعها المركب والإشكالي.

prof_yassini                                                                 

 

"   فلو وجدت بنيات إجتماعية لا تعرف العنف لإختفى مفهوم الدولة ولما بقى إلا الفوضى    "


أبرز مضمون القولة وبين مداها

Ø      مرحلة المقدمة من تحليل القولة الفلسفية

في المقدمة يجب عليك تأطير القولة ضمن المجزوءة والفهوم والمحور الذي تنتمي إليه بعدها تقم بطرح المفارقة التي تناقشها في الأخير تقوم بوضع أسئلة على شكل إشكالية التي سوف تناقشها في مرحلة التحليل.
إذن تطبيق هذه المنهجية هو على الشكل التالي.


تندرج القولة ضمن مجزوءة السياسة ويقصد بها ممارسة تهدف إلى تدبير وتسير الشأن العام وتتأطر هذه القولة داخل مفوم الدولة وتحديدا في محور الدولة بين الحق والعنف وتبز هذه القولة مفارقة وضحة على إعتبار أن الدولة هي ذللك الكيان الذي يدبر داخله المصالح المشتركة بين الأفراد فنجدها ثارة تستعمل العنف باعتباره حق محكما على الدولة وذالك للحد من الفوضى، وثارة نجده يحمل دلالات أخلاقية فيدعوا إلى أن الدولة يجب أن تكون دولة الحق تنتهز سلوكا منظما وأخلاقيا، ومن هنا نستمد إلى الإشكالات التالية.
هل دولة الحق يجب أن تبنى على العنف ؟ أم على مبدأ أخر ؟ .
هل يمكن السماح بجواز العنف المادي باعتباره وسيلة مميزة لدولة ؟

Ø      مرحلة التحليل من تحليل القولة الفلسفية

في مرحلة التحليل يجب استخراج اطروحة القولة المطروحة من خلا ل التركيز على المفاهيم الفلسفية الواردة فيها، الدفاع عن موقف صاحب القولة من خلال ما درسته وما أعرفه والتطبيق هو كتالي.


للإجابة على الإشكال أعلاه نرى أنه من الضروري الإشتغال على المفاهيم والألفاض المتضمنة في القولة وكأول مفهوم مركزي نجد البنيات الإجتماعية وهي إحالة على المؤسسات السياسية والعسكرية التابعة للدولة التي تكون وظيفتها إحتكار وسائل العنف المشروع وممارسته بهدف تنظيم الحياة الجماعية للأفراد لينعم بالسلم والأمن والإستقرار، والمفهوم المركزي الثاني في القولة هو العنف ويقصد به اللجوء إلى إستعمال القوة من أجل إخضاع فردا أو جماعة للنظام العام السائد داخل الدولة إنها ممارسة تهدف إلى دمج الأفراد داخل الحياة الإجتماعية المشتركة، وأخيرا مفهوم في القولة هو لفظة الفوضى وهي الحالة التي تحدت عندما تتعالق مصالح الأفراد فيما بينهم فتنشب عنها حالة من التمرد والإندفاع.
بناء على العلاقة بين هذه المفاهيم نفضي إلى أن عدم إحتكار الدولة لوسائل العنف المشروع وعدم ممارسته سيؤدي إلى الفوضى، هكذا فالدولة تمارس القانون لكن حينما يتم خرقه من طرف الأفراد تمارس الدولة العنف المادي الذي هو خاصية مميزة لها بإعتبارها الملكة الوحيدة لوسائل العنف المشروع، فلا وجود لوظيفة حكر على الدولة إلا ممارسة العنف المشروع حيت يصور صاحب القولة هذه الأطروحة بستعمال أسالب حجاجية قوية حيت إستعان بأداة " لو" وقد أراد بها الإفتراض وجود الدولة من دون ممارسة العنف المشروع، كما هناك أسلوب الإسثناء " إلا" وقد أراد أن يبين غياب ممارسة العنف المشروع من طرف الدولة سيؤدي إلى حالة الفوضى.
هكذا فصاحب القولة يرى بضرورة ممارسة العنف المشروع، لكن ألا يمكن التحدت عن دولة تسعى إلى إحقاق الحق والعدالة أكثر من إقامة الأمن والإستقرار.

Ø      مرحلة المناقشة من تحليل القولة الفلسفية

في مرحلة ينبغي عليك طرح المواقف الفلسفية المساندة لموقف صاحب القولة طرح المواقف الفلسفية المعارضة لموقف صاحب القولة.


تعددت المواقف التي ناقشة إشكالية الدولة بين الحق والعنف نجد تصور جاكلين روس التي دهبت إلى منحنى مغاير الذي دهب إليه ماركس فيبر حيت إعتبرت أن ممارسة العنف والقوة ممارسة غير مشروعة في الدولة المعاصرة التي باتا تخترم مواطنيها وتحترم القوانين التي تعني الحقوق.
فالباحتة الفرنسية المعاصرة جاكلين روس تعتبر أن دولة الحق هي التي تقوم على ممارسة معقلنة للسلطة، هذه الممارسة التي تتأسس على مبدأ الحق والقانون إمتداد لمبدأ أساسي هو إحترام الفرد بإعتباره شخصا أخلاقيا يمتلك كرامة ويجب على الدولة أن تضمن للأفراد الحرية وتصون كرامتهم وتتجنب كل أشكال العنف والترهيب، وحتى يتم دلك لابد من أن تتأسس الدولة على مبدأ فصل السلط.

Ø      مرحلة الخاتمة من تحليل القولة الفلسفية

في المرحلة الأخيرة عليك تقديم خلاصات واستنتاجات تركيبية عامة و ابداء الرأي الشخصي مع اماكنية طرح سؤال مفتوح.


إنطلاقا من التحليل والمناقشة إستطاع صاحب القولة أن يقدم أطروحة متماسكة مفادها ضرورة ممارسة العنف المشروع وأن عدم ممارسة العنف سيؤدي إلى الفوضى هذا حسب منظور الفيلسوف ماكس فيبر.
كدلك نجد تصور جاكلين روس التي تبنت موقفا معارضا لهذا التصور حيت إعتبرت أن ممارسة العنف هو ممارسة غير مشروعة، وفي رأي الخاص أعتبر أنه من الضروري ممارسة العنف المشروع لحماية الحق العام.
لكن أي عدالة يمكن للدولة تحقيقها ؟ هل الإنصاف أم المساواة ؟

....................................................................................................................................................

                                                                                                             ذ _ ياسيني

 موضوع منقول

نماذج رائعة من كتابات التلاميذ الفلسفية! !

هناك شبه اجماع بين المهتمين بأن المستوى المعرفي والكفايات الثقافية والمنهجية واللغوية للتلاميذ في تدهور مستمر، ولكن من قال بأن تلميذ التعليم الثانوي اليوم قد افتقد كل أثر للحس الفلسفي؟؟
وأنا أقوم بتصحيح مواضيع المترشحين في الامتحان الوطني للباكلوريا (مادة الفلسفة) لفتت انتباهي إنشاءات فلسفية تخرج إلى حد كبير عن المستوى المألوف: أسلوبا، أفكارا ومنهجية، تعيد إلينا بعض الأمل في مستقبل الفكر الفلسفي بين الناشئة، يبدو لي أنه من حق مدرس مثل هؤلاء التلاميذ ان يفخر بهم، كما يحق علينا نحن قراءهم ان نحتفي بهم
وتقديرا مني لهذه الكتابات المجهول أصحابها، ولهذه الابداعات الغفل من التوقيع، أقترح عليكم استنساخا أمينا لأربعة او خمسة نماذج منها، تاركا لكم صلاحية الحكم والتعليق

النموذج الأول:

لقد نقلت موضوع المترشح كما هو بهفواته وزلاته إذا وجدت، والتي أخشى أن تنضاف إليها أو تختلط بها أخطاء الكيبورد التي ريما ارتكبتها عند مسك الموضوع وادخاله إلى الحاسوب!! وعلى كل، فقد عمدت هنا إلى وضع علامة (؟) أمام أي خطأ أو لبس في إجابة المترشح

أما اللون الأخضر فقد أضفته لأبرز المقاطع المضيئة في الموضوع والتي سأعود  للتعليق عليها لاحقا، وللتذكير فالمترشح ينتمي إلى الشعبة العلمية التي تدرس الفلسفة بواقع ساعتين أسبوعيا

أولا نص الموضوع الذي امتحن فيه المترشحون :

الشخصية هي المنتهى المشترك لظاهرات تتعلق بالسيكولوجيا الفردية وبالسيكولوجيا المجتمعية، داخل مجموعة من الشروط اللازمة للسلوك، إزاء المواقف الحالية
ينطبق هذا التعريف على الجانب من الأنا الذي له، من بعض الوجوه، وحدة واستقرار يشبهان الوحدة والاستقرار اللذين نطلقهما على الموضوعات، ويصبح هذا التعريف غير صالح بمجرد ما نريد أن ندخل فيه ما ليس هنا-الآن، ويجاوز :” الحاضر:”، أي كل ما لا يمكن أن يتصف “بالحضور” ( حالا أو استقبالا) لأنه دائما يحيا، سابقا على حاضره، أي أنه يحيا في المستقبل. فللطالب مثلا، شخصية حالية هي الشخصية المحددة في ورقة هويته، والتي تملأ حقل وعيه في  “الآن”. بيد أن ائطالب يشعر بتوتر داخلي، أي بقوة تدفعه إلى “الشخصية” التي يرمي لأن يصبحها، وهذه الشخصية – النزوع ليست حدا نهائيا؛ من الممكن تجاوزها، لأن إمكانيات الطالب لا تعطى، برمتها، دفعة واحدة، إنها تبرز حسب تتابع تصاعدي، كسلسلة من الشخصيات يمكن تصورها. من الجائز أن تنضب إمكانيات الطالب، فيبقى دون ما كان يصبو إليه، على أن الشخصية التي يرمي إليها غاية، بالنسبة للوضع الحالي، ولو استحال تحقيقها في المستقبل. إن صح ما تقدم، جاز أن نقول بأن الشخص ليس بشخصية واحدة بل هو عدة شخصيات

حلل النص وتاقشه

يعتبر موضوع الشخصية من أهم المواضيع التي استرعت اهتمام الفلاسفة والعلوم الانسانية منذ القدم، فبدأ الخوض فيها وفي مكوناتها باعتبارها بنية دينامية تخضع لعدة تأثيرات سيكلوجية واجتماعية

والنص الذي بين أيدينا يندرج ضمن موضوع الشخصية وبالخصوص ضمن الشخصية بين الحتمية والحرية. ويطرح هذا الموضوع إشكالا هاما يمكن صياغته كالتالي: هل الإنسان كائن فاعل أم عنصر منفعل؟

ويجيب عليه صاحب النص بالأطروحة التالية:”رغم أن الإنسان يخضع لعدة إكراهات نفسية واجتماعية، فإنه وباعتباره كائنا حرا ذا إرادة، يستطيع أن يتخلص من هذه الإكراهات
إن اشكالية “الإنسان بين الحرية والحتمية” أفرزت العديد من التساؤلات التي يمكن صياغتها كالتالي: ” هل للإنسان دور في بناء شخصيته؟ أم أنه يخضع لعدة حتميات سيكلوجية وسوسيو ثقافية لايمكنه التخلص منها؟ وإلى أي حد يمكن الإتفاق مع هذين الموقفين؟

من أجل تحليل هذا النص سيكون من المنهجي، تفكيكه اولا إلى وحداته الأساسية، ويمكن الاكتفاء فقط بوحدتين أساسيتين حيث ان الوحدة الأولى يبرز فيها صاحب النص بأن الإنسان يعيش تحت ضغط إكراهات سيكلوجية واجتماعية، والوحدة الثانية، يتم نقد الموقف الذي تم عرضه في الوحدة الأولى مع إبراز مدى حدوديته (؟)ء وعدم صلاحيته في بعض الحالات

يبدأ صاحب النص بتقديم تعريف لمفهوم الشخصية حيث يعتبرهاتنظيما مركبا وبنية دينامية يتدخل في تكوينها مجموعة من العوامل السوسيو ثقافية والسيكلوجية. فالنظام النفسي والاجتماعي يؤثران بشكل كبير على شخصية الإنسان، فالانسان في مرحلة طفولته يمر عبر مراحل تلعب دورا كبيرا في تكوين شخصيته، كما أن الإنسان وباعتباره كائنا اجتماعيا بالطبع، يعيش وسط هذا المجتمع ويكتسب ثقافة هذا المجتمع ولهذا فمن الطبيعي أن يؤثر كل ذلك في بناء شخصيته.

ولكن صاحب النص ورغم تقديمه لهذا التعريف إلا انه يبرز بعد ذلك حدوديته (؟)ء حيث ان هذا التعريف لاينطبق إلا على جانب من الأنا الذي يتميز بعض وجوهه بالوحدة والاستقرار. ومن هنا يبدأ صاحب النص بانتقاد الموقف الذي يقر على أن الإنسان يخع لعدة حتميات وإكراهات سوسيوثقافية وسيكلوجية، وان الإنسان لا دخل له في تكوين شخصيته، فيؤكد صاحب النص ان هذا التعريف جد محدود، والتعريف الذي بدأ به صاحب النص غير صالح عندما يتم تجاوز الحاضر. فنحن نعلم ان الإنسان كائن ذات (؟) إرادة وحرية وأنه قادر على أن يغير حاضره ومستقبله إذا أراد ذلك فالإنسان يحيا وكله طموح وأمل في أن يغير شخصيته ويحسن منها. وعند هذا الحد يفقد مفهوم الحتمية قيمته ويصبح غير صالح لآي شيء.

ولقد اتبع صاحب النص مسارا منطقيا، مترابطا حيث انطلق من منطلق نقدي، فقام في البداية بابراز الموقف الذي يؤكد أن الإنسان كائن منفعل لادخل له في تكوين شخصيته فقام بعد ذلك صاحب النص بدحض هذا الموقف من خلال إبراز حدوديته (؟) وعدم صلاحيته، لأن الإنسان كائن ذات إرادة وحرية تصبو دائما نحو التغيير.

ولقد استند صاحب النص على مجموعة من البراهين والحجج حيث قام بتقديم مثال أبرز من خلاله عدم صلاحية موقف الحتمية، فاعتبر أن الطالب يمتلك شخصية حالية أي الشخصية التي كونتها تلك الضغوطات النفسية والاجتماعية، ولكن هذا الطالب وباعتباره كائنا بشريا يمتلك العقل، فإنه سيشعر دائما بقوة تدفعه للتغيير واالوصول إلى الشخصية التي يرمي إليها باعتبار أن امكانيات الطالب كثيرة ومتعددة، كما أن تلك الشخصية التي سيصبح عليها غير قارة، فقد يتم تغيرها أو التحسين منها هي الأخرى، لأن امكانيات الطالب جزئية |أي انها لاتعطى دفعة واحدة، بل تعطى شئا فشيئا، كما أن من الجائز أن تفشل إمكانيات الطالب فلا يصل إلى مايصبو إليه

إذن يتبين لنا من خلال هذا المثال أننا لانتكلم عن شخصية واحدة قارة وثابتة، بل إننا نتحدث عن عدة شخصيات يلحقها التغيير بفضل الإمكانيات الهائلة التي يتوفر عليها الإنسان
وهكذا توصل صاحب النص إلى أن الشخصية رغم انها تتعرض لعدة ضغوطات، فإنه من الجائز ان يلحقها التغيير بفضل إمكانيات الإنسان غير المحدودة باعتبار هذا الأخير ذاتا واعية ومفكرة تأمل في التغيير وتصبو إلى النجاح
إذن انطلاقا من تحليل هذا النص يتضح لنا أن الإنسان كائن فاعل يلعب دورا كبيرا في بناء شخصيته وتغييرها

ولمناقشة هذا النص يجب علينا اولا أن نبين قيمته وبعد ذلك، نبيتن المواقف المؤيدة والمواقف المعارضة له. إن النص الذي بين أيدينا حاول اقناعنا بالموقف الذي يعرضه من خلال مجموغة من الحجج. لقد قدم لنا تصورا واضحا عن دور الإنسان في بناء شخصيته وذلك بدون نسيان الضغوطات التي يتعرض لها الإنسان فيحاول صاحب النص إقناعنا بأن هذه الضغوطات تقد قيمتها بمجرد شعور الإنسان بالرغبة في التغيير نحو الأفضل والتخلص من جميع تلك القيود

لقد تعزز موقف صاحب النص بموقف سارتر الذي اعتبر أن ” الوجود سابق على الماهية” فالإنسان يولد أولا ثم بعد ذلك تتحدد ماهيته يؤكد هنا سارتر أن وجود الإنسان يعني حريته وتحمل مسؤولية اختياراته، فهو يتحدد من خلال ماسيصنعه في المستقبل أي من خلال إنجازاته المستقبلية

الفيلسوف سارتر يحمل نفس الفكرة التي يريد صاحب النص أن يبلغها أي أن الإنسان سيظل كائنا فاعلا في تكوين شخصيته لأنه بكل بساطة كائن حر ذات إرادة ورغبة في التغيير

لكن من جهة أخرى تظهر مواقف العلوم الإنسانية التي أبدت اهتماما كبيرا في طرحها لمسالة الشخصية، فهي تؤكد ان الإنسان يعيش عدة ضغوطات نفسية وسوسيوثقافية
أما النفسية، فيمثلها فرويد الذي يؤكد ان منطقة الشعور هي أهم منطقة سكلوجية توجد عند الإنسان ولقد شبه الشخصية كجبل جليد أي ان الجزء الخفي والمغمور في الماء أضخم بكثير مما هو مكشوف ويظهرفوق الماء. ولقد اعتبر ان مرحلة الطفولة مرحلة حاسمة في تكوين شخصية الإنسان، ابتداءا من المرحلة الفمية، ثم الشرجية فالقضيبية كما ان النظام النفسي يتكون من عدة مكونات وهي ثلاثة: الهو- الأنا- الأنا الأعلى
أما الهو فهو الفطري في الإنسان، يتحكم فيه مبدأ اللذة أو ما اصطلح فرويد على تسميته: مبدأ الليبيدو، هائج ولا يعرف معنى الأخلاق
الأنا: هو جزء من الهو الذي تم تعديله، وهو الذي يتحكم في تكزين الشخصية سواء كانت سوية او شاذة
الأنا الأعلى أي الضمير والأخلاق

فالإنسان إذن يتعرض لهذه الضغوطات النفسية، إذا نجح الأنا في التوفيق بين متطلبات الهو والواقع، والواقع والأنا الأعلى كانت الشخصية سوية أما إذا لم ينجح في ذلك كانت الشخصية شاذة

كما أن الإنسان وباعتباره كائن اجتماعي يتأثر بمجتمعه وثقافته من خلال التنشئة الاجتماعية أي من خلال المؤسسات الإجتماعية التي يمر بها ابتداءا من الأسرة فالشلرع والمدرسة وغير ذلك
وانطلاقا من مناقشة النص يظهر لنا أنه لايكمن إخفاء تلك الضغوطات والحتميات التي يتعرض لها الإنسان أي أنه كائن منفعل
وانطلاقا من تحليل ومناقشة النص يتبين لنا أن الصراع لا زال قائما في إشكالية الشخصية بين الحتمية والحرية، فهناك موقفان أساسيان موقف يؤكد أن الإنسان حر وفاعل في تكوين الشخصية وموقف يؤكد على أن الإنسان يتعرض لضغوطات وحتميات تجعله إنسان منفعل

وكإبداء لرأي شخصي يظهر لي أن الإنسان ورغم أنه يتعرض لتلك الحتميات فإنه كائن ذات إرادة وحرية، يستطيع ان يغير شخصيته تغييرا كاملا، والواقع هو الدليل القاطع على ذلك فكم هم الأشخاص الذين ينشئون في بيئة تتميز بصفات معينة ويحاول  التخلص من تلك الضغوطات ليكتسيوا شخصية مختلفة تماما عن الشخصية الحالية. إذن فأنا أتفق مع صاحب النص وأؤيد رأيه تماما

 

 

موضوع منقول 

نماذج رائعة من كتابات التلاميذ الفلسفية! ! 

هناك شبه اجماع بين المهتمين بأن المستوى المعرفي والكفايات الثقافية والمنهجية واللغوية للتلاميذ في تدهور مستمر، ولكن من قال بأن تلميذ التعليم الثانوي اليوم قد افتقد كل أثر للحس الفلسفي؟؟
وأنا أقوم بتصحيح مواضيع المترشحين في الامتحان الوطني للباكلوريا (مادة الفلسفة) لفتت انتباهي إنشاءات فلسفية تخرج إلى حد كبير عن المستوى المألوف: أسلوبا، أفكارا ومنهجية، تعيد إلينا بعض الأمل في مستقبل الفكر الفلسفي بين الناشئة، يبدو لي أنه من حق مدرس مثل هؤلاء التلاميذ ان يفخر بهم، كما يحق علينا نحن قراءهم ان نحتفي بهم
وتقديرا مني لهذه الكتابات المجهول أصحابها، ولهذه الابداعات الغفل من التوقيع، أقترح عليكم استنساخا أمينا لأربعة او خمسة نماذج منها، تاركا لكم صلاحية الحكم والتعليق

النموذج الأول:

لقد نقلت موضوع المترشح كما هو بهفواته وزلاته إذا وجدت، والتي أخشى أن تنضاف إليها أو تختلط بها أخطاء الكيبورد التي ريما ارتكبتها عند مسك الموضوع وادخاله إلى الحاسوب!! وعلى كل، فقد عمدت هنا إلى وضع علامة (؟) أمام أي خطأ أو لبس في إجابة المترشح

أما اللون الأخضر فقد أضفته لأبرز المقاطع المضيئة في الموضوع والتي سأعود  للتعليق عليها لاحقا، وللتذكير فالمترشح ينتمي إلى الشعبة العلمية التي تدرس الفلسفة بواقع ساعتين أسبوعيا

أولا نص الموضوع الذي امتحن فيه المترشحون :

الشخصية هي المنتهى المشترك لظاهرات تتعلق بالسيكولوجيا الفردية وبالسيكولوجيا المجتمعية، داخل مجموعة من الشروط اللازمة للسلوك، إزاء المواقف الحالية
ينطبق هذا التعريف على الجانب من الأنا الذي له، من بعض الوجوه، وحدة واستقرار يشبهان الوحدة والاستقرار اللذين نطلقهما على الموضوعات، ويصبح هذا التعريف غير صالح بمجرد ما نريد أن ندخل فيه ما ليس هنا-الآن، ويجاوز :” الحاضر:”، أي كل ما لا يمكن أن يتصف “بالحضور” ( حالا أو استقبالا) لأنه دائما يحيا، سابقا على حاضره، أي أنه يحيا في المستقبل. فللطالب مثلا، شخصية حالية هي الشخصية المحددة في ورقة هويته، والتي تملأ حقل وعيه في  “الآن”. بيد أن ائطالب يشعر بتوتر داخلي، أي بقوة تدفعه إلى “الشخصية” التي يرمي لأن يصبحها، وهذه الشخصية – النزوع ليست حدا نهائيا؛ من الممكن تجاوزها، لأن إمكانيات الطالب لا تعطى، برمتها، دفعة واحدة، إنها تبرز حسب تتابع تصاعدي، كسلسلة من الشخصيات يمكن تصورها. من الجائز أن تنضب إمكانيات الطالب، فيبقى دون ما كان يصبو إليه، على أن الشخصية التي يرمي إليها غاية، بالنسبة للوضع الحالي، ولو استحال تحقيقها في المستقبل. إن صح ما تقدم، جاز أن نقول بأن الشخص ليس بشخصية واحدة بل هو عدة شخصيات

حلل النص وتاقشه

يعتبر موضوع الشخصية من أهم المواضيع التي استرعت اهتمام الفلاسفة والعلوم الانسانية منذ القدم، فبدأ الخوض فيها وفي مكوناتها باعتبارها بنية دينامية تخضع لعدة تأثيرات سيكلوجية واجتماعية

والنص الذي بين أيدينا يندرج ضمن موضوع الشخصية وبالخصوص ضمن الشخصية بين الحتمية والحرية. ويطرح هذا الموضوع إشكالا هاما يمكن صياغته كالتالي: هل الإنسان كائن فاعل أم عنصر منفعل؟

ويجيب عليه صاحب النص بالأطروحة التالية:”رغم أن الإنسان يخضع لعدة إكراهات نفسية واجتماعية، فإنه وباعتباره كائنا حرا ذا إرادة، يستطيع أن يتخلص من هذه الإكراهات
إن اشكالية “الإنسان بين الحرية والحتمية” أفرزت العديد من التساؤلات التي يمكن صياغتها كالتالي: ” هل للإنسان دور في بناء شخصيته؟ أم أنه يخضع لعدة حتميات سيكلوجية وسوسيو ثقافية لايمكنه التخلص منها؟ وإلى أي حد يمكن الإتفاق مع هذين الموقفين؟

من أجل تحليل هذا النص سيكون من المنهجي، تفكيكه اولا إلى وحداته الأساسية، ويمكن الاكتفاء فقط بوحدتين أساسيتين حيث ان الوحدة الأولى يبرز فيها صاحب النص بأن الإنسان يعيش تحت ضغط إكراهات سيكلوجية واجتماعية، والوحدة الثانية، يتم نقد الموقف الذي تم عرضه في الوحدة الأولى مع إبراز مدى حدوديته (؟)ء وعدم صلاحيته في بعض الحالات

يبدأ صاحب النص بتقديم تعريف لمفهوم الشخصية حيث يعتبرهاتنظيما مركبا وبنية دينامية يتدخل في تكوينها مجموعة من العوامل السوسيو ثقافية والسيكلوجية. فالنظام النفسي والاجتماعي يؤثران بشكل كبير على شخصية الإنسان، فالانسان في مرحلة طفولته يمر عبر مراحل تلعب دورا كبيرا في تكوين شخصيته، كما أن الإنسان وباعتباره كائنا اجتماعيا بالطبع، يعيش وسط هذا المجتمع ويكتسب ثقافة هذا المجتمع ولهذا فمن الطبيعي أن يؤثر كل ذلك في بناء شخصيته.

ولكن صاحب النص ورغم تقديمه لهذا التعريف إلا انه يبرز بعد ذلك حدوديته (؟)ء حيث ان هذا التعريف لاينطبق إلا على جانب من الأنا الذي يتميز بعض وجوهه بالوحدة والاستقرار. ومن هنا يبدأ صاحب النص بانتقاد الموقف الذي يقر على أن الإنسان يخع لعدة حتميات وإكراهات سوسيوثقافية وسيكلوجية، وان الإنسان لا دخل له في تكوين شخصيته، فيؤكد صاحب النص ان هذا التعريف جد محدود، والتعريف الذي بدأ به صاحب النص غير صالح عندما يتم تجاوز الحاضر. فنحن نعلم ان الإنسان كائن ذات (؟) إرادة وحرية وأنه قادر على أن يغير حاضره ومستقبله إذا أراد ذلك فالإنسان يحيا وكله طموح وأمل في أن يغير شخصيته ويحسن منها. وعند هذا الحد يفقد مفهوم الحتمية قيمته ويصبح غير صالح لآي شيء.

ولقد اتبع صاحب النص مسارا منطقيا، مترابطا حيث انطلق من منطلق نقدي، فقام في البداية بابراز الموقف الذي يؤكد أن الإنسان كائن منفعل لادخل له في تكوين شخصيته فقام بعد ذلك صاحب النص بدحض هذا الموقف من خلال إبراز حدوديته (؟) وعدم صلاحيته، لأن الإنسان كائن ذات إرادة وحرية تصبو دائما نحو التغيير.

ولقد استند صاحب النص على مجموعة من البراهين والحجج حيث قام بتقديم مثال أبرز من خلاله عدم صلاحية موقف الحتمية، فاعتبر أن الطالب يمتلك شخصية حالية أي الشخصية التي كونتها تلك الضغوطات النفسية والاجتماعية، ولكن هذا الطالب وباعتباره كائنا بشريا يمتلك العقل، فإنه سيشعر دائما بقوة تدفعه للتغيير واالوصول إلى الشخصية التي يرمي إليها باعتبار أن امكانيات الطالب كثيرة ومتعددة، كما أن تلك الشخصية التي سيصبح عليها غير قارة، فقد يتم تغيرها أو التحسين منها هي الأخرى، لأن امكانيات الطالب جزئية |أي انها لاتعطى دفعة واحدة، بل تعطى شئا فشيئا، كما أن من الجائز أن تفشل إمكانيات الطالب فلا يصل إلى مايصبو إليه

إذن يتبين لنا من خلال هذا المثال أننا لانتكلم عن شخصية واحدة قارة وثابتة، بل إننا نتحدث عن عدة شخصيات يلحقها التغيير بفضل الإمكانيات الهائلة التي يتوفر عليها الإنسان
وهكذا توصل صاحب النص إلى أن الشخصية رغم انها تتعرض لعدة ضغوطات، فإنه من الجائز ان يلحقها التغيير بفضل إمكانيات الإنسان غير المحدودة باعتبار هذا الأخير ذاتا واعية ومفكرة تأمل في التغيير وتصبو إلى النجاح
إذن انطلاقا من تحليل هذا النص يتضح لنا أن الإنسان كائن فاعل يلعب دورا كبيرا في بناء شخصيته وتغييرها

ولمناقشة هذا النص يجب علينا اولا أن نبين قيمته وبعد ذلك، نبيتن المواقف المؤيدة والمواقف المعارضة له. إن النص الذي بين أيدينا حاول اقناعنا بالموقف الذي يعرضه من خلال مجموغة من الحجج. لقد قدم لنا تصورا واضحا عن دور الإنسان في بناء شخصيته وذلك بدون نسيان الضغوطات التي يتعرض لها الإنسان فيحاول صاحب النص إقناعنا بأن هذه الضغوطات تقد قيمتها بمجرد شعور الإنسان بالرغبة في التغيير نحو الأفضل والتخلص من جميع تلك القيود

لقد تعزز موقف صاحب النص بموقف سارتر الذي اعتبر أن ” الوجود سابق على الماهية” فالإنسان يولد أولا ثم بعد ذلك تتحدد ماهيته يؤكد هنا سارتر أن وجود الإنسان يعني حريته وتحمل مسؤولية اختياراته، فهو يتحدد من خلال ماسيصنعه في المستقبل أي من خلال إنجازاته المستقبلية

الفيلسوف سارتر يحمل نفس الفكرة التي يريد صاحب النص أن يبلغها أي أن الإنسان سيظل كائنا فاعلا في تكوين شخصيته لأنه بكل بساطة كائن حر ذات إرادة ورغبة في التغيير

لكن من جهة أخرى تظهر مواقف العلوم الإنسانية التي أبدت اهتماما كبيرا في طرحها لمسالة الشخصية، فهي تؤكد ان الإنسان يعيش عدة ضغوطات نفسية وسوسيوثقافية
أما النفسية، فيمثلها فرويد الذي يؤكد ان منطقة الشعور هي أهم منطقة سكلوجية توجد عند الإنسان ولقد شبه الشخصية كجبل جليد أي ان الجزء الخفي والمغمور في الماء أضخم بكثير مما هو مكشوف ويظهرفوق الماء. ولقد اعتبر ان مرحلة الطفولة مرحلة حاسمة في تكوين شخصية الإنسان، ابتداءا من المرحلة الفمية، ثم الشرجية فالقضيبية كما ان النظام النفسي يتكون من عدة مكونات وهي ثلاثة: الهو- الأنا- الأنا الأعلى
أما الهو فهو الفطري في الإنسان، يتحكم فيه مبدأ اللذة أو ما اصطلح فرويد على تسميته: مبدأ الليبيدو، هائج ولا يعرف معنى الأخلاق
الأنا: هو جزء من الهو الذي تم تعديله، وهو الذي يتحكم في تكزين الشخصية سواء كانت سوية او شاذة
الأنا الأعلى أي الضمير والأخلاق

فالإنسان إذن يتعرض لهذه الضغوطات النفسية، إذا نجح الأنا في التوفيق بين متطلبات الهو والواقع، والواقع والأنا الأعلى كانت الشخصية سوية أما إذا لم ينجح في ذلك كانت الشخصية شاذة

كما أن الإنسان وباعتباره كائن اجتماعي يتأثر بمجتمعه وثقافته من خلال التنشئة الاجتماعية أي من خلال المؤسسات الإجتماعية التي يمر بها ابتداءا من الأسرة فالشلرع والمدرسة وغير ذلك
وانطلاقا من مناقشة النص يظهر لنا أنه لايكمن إخفاء تلك الضغوطات والحتميات التي يتعرض لها الإنسان أي أنه كائن منفعل
وانطلاقا من تحليل ومناقشة النص يتبين لنا أن الصراع لا زال قائما في إشكالية الشخصية بين الحتمية والحرية، فهناك موقفان أساسيان موقف يؤكد أن الإنسان حر وفاعل في تكوين الشخصية وموقف يؤكد على أن الإنسان يتعرض لضغوطات وحتميات تجعله إنسان منفعل

وكإبداء لرأي شخصي يظهر لي أن الإنسان ورغم أنه يتعرض لتلك الحتميات فإنه كائن ذات إرادة وحرية، يستطيع ان يغير شخصيته تغييرا كاملا، والواقع هو الدليل القاطع على ذلك فكم هم الأشخاص الذين ينشئون في بيئة تتميز بصفات معينة ويحاول  التخلص من تلك الضغوطات ليكتسيوا شخصية مختلفة تماما عن الشخصية الحالية. إذن فأنا أتفق مع صاحب النص وأؤيد رأيه تماما

 

 

نماذج رائعة من كتابات التلاميذ الفلسفية! !

هناك شبه اجماع بين المهتمين بأن المستوى المعرفي والكفايات الثقافية والمنهجية واللغوية للتلاميذ في تدهور مستمر، ولكن من قال بأن تلميذ التعليم الثانوي اليوم قد افتقد كل أثر للحس الفلسفي؟؟
وأنا أقوم بتصحيح مواضيع المترشحين في الامتحان الوطني للباكلوريا (مادة الفلسفة) لفتت انتباهي إنشاءات فلسفية تخرج إلى حد كبير عن المستوى المألوف: أسلوبا، أفكارا ومنهجية، تعيد إلينا بعض الأمل في مستقبل الفكر الفلسفي بين الناشئة، يبدو لي أنه من حق مدرس مثل هؤلاء التلاميذ ان يفخر بهم، كما يحق علينا نحن قراءهم ان نحتفي بهم
وتقديرا مني لهذه الكتابات المجهول أصحابها، ولهذه الابداعات الغفل من التوقيع، أقترح عليكم استنساخا أمينا لأربعة او خمسة نماذج منها، تاركا لكم صلاحية الحكم والتعليق

النموذج الأول:

لقد نقلت موضوع المترشح كما هو بهفواته وزلاته إذا وجدت، والتي أخشى أن تنضاف إليها أو تختلط بها أخطاء الكيبورد التي ريما ارتكبتها عند مسك الموضوع وادخاله إلى الحاسوب!! وعلى كل، فقد عمدت هنا إلى وضع علامة (؟) أمام أي خطأ أو لبس في إجابة المترشح

أما اللون الأخضر فقد أضفته لأبرز المقاطع المضيئة في الموضوع والتي سأعود  للتعليق عليها لاحقا، وللتذكير فالمترشح ينتمي إلى الشعبة العلمية التي تدرس الفلسفة بواقع ساعتين أسبوعيا

أولا نص الموضوع الذي امتحن فيه المترشحون :

الشخصية هي المنتهى المشترك لظاهرات تتعلق بالسيكولوجيا الفردية وبالسيكولوجيا المجتمعية، داخل مجموعة من الشروط اللازمة للسلوك، إزاء المواقف الحالية
ينطبق هذا التعريف على الجانب من الأنا الذي له، من بعض الوجوه، وحدة واستقرار يشبهان الوحدة والاستقرار اللذين نطلقهما على الموضوعات، ويصبح هذا التعريف غير صالح بمجرد ما نريد أن ندخل فيه ما ليس هنا-الآن، ويجاوز :” الحاضر:”، أي كل ما لا يمكن أن يتصف “بالحضور” ( حالا أو استقبالا) لأنه دائما يحيا، سابقا على حاضره، أي أنه يحيا في المستقبل. فللطالب مثلا، شخصية حالية هي الشخصية المحددة في ورقة هويته، والتي تملأ حقل وعيه في  “الآن”. بيد أن ائطالب يشعر بتوتر داخلي، أي بقوة تدفعه إلى “الشخصية” التي يرمي لأن يصبحها، وهذه الشخصية – النزوع ليست حدا نهائيا؛ من الممكن تجاوزها، لأن إمكانيات الطالب لا تعطى، برمتها، دفعة واحدة، إنها تبرز حسب تتابع تصاعدي، كسلسلة من الشخصيات يمكن تصورها. من الجائز أن تنضب إمكانيات الطالب، فيبقى دون ما كان يصبو إليه، على أن الشخصية التي يرمي إليها غاية، بالنسبة للوضع الحالي، ولو استحال تحقيقها في المستقبل. إن صح ما تقدم، جاز أن نقول بأن الشخص ليس بشخصية واحدة بل هو عدة شخصيات

حلل النص وتاقشه

يعتبر موضوع الشخصية من أهم المواضيع التي استرعت اهتمام الفلاسفة والعلوم الانسانية منذ القدم، فبدأ الخوض فيها وفي مكوناتها باعتبارها بنية دينامية تخضع لعدة تأثيرات سيكلوجية واجتماعية

والنص الذي بين أيدينا يندرج ضمن موضوع الشخصية وبالخصوص ضمن الشخصية بين الحتمية والحرية. ويطرح هذا الموضوع إشكالا هاما يمكن صياغته كالتالي: هل الإنسان كائن فاعل أم عنصر منفعل؟

ويجيب عليه صاحب النص بالأطروحة التالية:”رغم أن الإنسان يخضع لعدة إكراهات نفسية واجتماعية، فإنه وباعتباره كائنا حرا ذا إرادة، يستطيع أن يتخلص من هذه الإكراهات
إن اشكالية “الإنسان بين الحرية والحتمية” أفرزت العديد من التساؤلات التي يمكن صياغتها كالتالي: ” هل للإنسان دور في بناء شخصيته؟ أم أنه يخضع لعدة حتميات سيكلوجية وسوسيو ثقافية لايمكنه التخلص منها؟ وإلى أي حد يمكن الإتفاق مع هذين الموقفين؟

من أجل تحليل هذا النص سيكون من المنهجي، تفكيكه اولا إلى وحداته الأساسية، ويمكن الاكتفاء فقط بوحدتين أساسيتين حيث ان الوحدة الأولى يبرز فيها صاحب النص بأن الإنسان يعيش تحت ضغط إكراهات سيكلوجية واجتماعية، والوحدة الثانية، يتم نقد الموقف الذي تم عرضه في الوحدة الأولى مع إبراز مدى حدوديته (؟)ء وعدم صلاحيته في بعض الحالات

يبدأ صاحب النص بتقديم تعريف لمفهوم الشخصية حيث يعتبرهاتنظيما مركبا وبنية دينامية يتدخل في تكوينها مجموعة من العوامل السوسيو ثقافية والسيكلوجية. فالنظام النفسي والاجتماعي يؤثران بشكل كبير على شخصية الإنسان، فالانسان في مرحلة طفولته يمر عبر مراحل تلعب دورا كبيرا في تكوين شخصيته، كما أن الإنسان وباعتباره كائنا اجتماعيا بالطبع، يعيش وسط هذا المجتمع ويكتسب ثقافة هذا المجتمع ولهذا فمن الطبيعي أن يؤثر كل ذلك في بناء شخصيته.

ولكن صاحب النص ورغم تقديمه لهذا التعريف إلا انه يبرز بعد ذلك حدوديته (؟)ء حيث ان هذا التعريف لاينطبق إلا على جانب من الأنا الذي يتميز بعض وجوهه بالوحدة والاستقرار. ومن هنا يبدأ صاحب النص بانتقاد الموقف الذي يقر على أن الإنسان يخع لعدة حتميات وإكراهات سوسيوثقافية وسيكلوجية، وان الإنسان لا دخل له في تكوين شخصيته، فيؤكد صاحب النص ان هذا التعريف جد محدود، والتعريف الذي بدأ به صاحب النص غير صالح عندما يتم تجاوز الحاضر. فنحن نعلم ان الإنسان كائن ذات (؟) إرادة وحرية وأنه قادر على أن يغير حاضره ومستقبله إذا أراد ذلك فالإنسان يحيا وكله طموح وأمل في أن يغير شخصيته ويحسن منها. وعند هذا الحد يفقد مفهوم الحتمية قيمته ويصبح غير صالح لآي شيء.

ولقد اتبع صاحب النص مسارا منطقيا، مترابطا حيث انطلق من منطلق نقدي، فقام في البداية بابراز الموقف الذي يؤكد أن الإنسان كائن منفعل لادخل له في تكوين شخصيته فقام بعد ذلك صاحب النص بدحض هذا الموقف من خلال إبراز حدوديته (؟) وعدم صلاحيته، لأن الإنسان كائن ذات إرادة وحرية تصبو دائما نحو التغيير.

ولقد استند صاحب النص على مجموعة من البراهين والحجج حيث قام بتقديم مثال أبرز من خلاله عدم صلاحية موقف الحتمية، فاعتبر أن الطالب يمتلك شخصية حالية أي الشخصية التي كونتها تلك الضغوطات النفسية والاجتماعية، ولكن هذا الطالب وباعتباره كائنا بشريا يمتلك العقل، فإنه سيشعر دائما بقوة تدفعه للتغيير واالوصول إلى الشخصية التي يرمي إليها باعتبار أن امكانيات الطالب كثيرة ومتعددة، كما أن تلك الشخصية التي سيصبح عليها غير قارة، فقد يتم تغيرها أو التحسين منها هي الأخرى، لأن امكانيات الطالب جزئية |أي انها لاتعطى دفعة واحدة، بل تعطى شئا فشيئا، كما أن من الجائز أن تفشل إمكانيات الطالب فلا يصل إلى مايصبو إليه

إذن يتبين لنا من خلال هذا المثال أننا لانتكلم عن شخصية واحدة قارة وثابتة، بل إننا نتحدث عن عدة شخصيات يلحقها التغيير بفضل الإمكانيات الهائلة التي يتوفر عليها الإنسان
وهكذا توصل صاحب النص إلى أن الشخصية رغم انها تتعرض لعدة ضغوطات، فإنه من الجائز ان يلحقها التغيير بفضل إمكانيات الإنسان غير المحدودة باعتبار هذا الأخير ذاتا واعية ومفكرة تأمل في التغيير وتصبو إلى النجاح
إذن انطلاقا من تحليل هذا النص يتضح لنا أن الإنسان كائن فاعل يلعب دورا كبيرا في بناء شخصيته وتغييرها

ولمناقشة هذا النص يجب علينا اولا أن نبين قيمته وبعد ذلك، نبيتن المواقف المؤيدة والمواقف المعارضة له. إن النص الذي بين أيدينا حاول اقناعنا بالموقف الذي يعرضه من خلال مجموغة من الحجج. لقد قدم لنا تصورا واضحا عن دور الإنسان في بناء شخصيته وذلك بدون نسيان الضغوطات التي يتعرض لها الإنسان فيحاول صاحب النص إقناعنا بأن هذه الضغوطات تقد قيمتها بمجرد شعور الإنسان بالرغبة في التغيير نحو الأفضل والتخلص من جميع تلك القيود

لقد تعزز موقف صاحب النص بموقف سارتر الذي اعتبر أن ” الوجود سابق على الماهية” فالإنسان يولد أولا ثم بعد ذلك تتحدد ماهيته يؤكد هنا سارتر أن وجود الإنسان يعني حريته وتحمل مسؤولية اختياراته، فهو يتحدد من خلال ماسيصنعه في المستقبل أي من خلال إنجازاته المستقبلية

الفيلسوف سارتر يحمل نفس الفكرة التي يريد صاحب النص أن يبلغها أي أن الإنسان سيظل كائنا فاعلا في تكوين شخصيته لأنه بكل بساطة كائن حر ذات إرادة ورغبة في التغيير

لكن من جهة أخرى تظهر مواقف العلوم الإنسانية التي أبدت اهتماما كبيرا في طرحها لمسالة الشخصية، فهي تؤكد ان الإنسان يعيش عدة ضغوطات نفسية وسوسيوثقافية
أما النفسية، فيمثلها فرويد الذي يؤكد ان منطقة الشعور هي أهم منطقة سكلوجية توجد عند الإنسان ولقد شبه الشخصية كجبل جليد أي ان الجزء الخفي والمغمور في الماء أضخم بكثير مما هو مكشوف ويظهرفوق الماء. ولقد اعتبر ان مرحلة الطفولة مرحلة حاسمة في تكوين شخصية الإنسان، ابتداءا من المرحلة الفمية، ثم الشرجية فالقضيبية كما ان النظام النفسي يتكون من عدة مكونات وهي ثلاثة: الهو- الأنا- الأنا الأعلى
أما الهو فهو الفطري في الإنسان، يتحكم فيه مبدأ اللذة أو ما اصطلح فرويد على تسميته: مبدأ الليبيدو، هائج ولا يعرف معنى الأخلاق
الأنا: هو جزء من الهو الذي تم تعديله، وهو الذي يتحكم في تكزين الشخصية سواء كانت سوية او شاذة
الأنا الأعلى أي الضمير والأخلاق

فالإنسان إذن يتعرض لهذه الضغوطات النفسية، إذا نجح الأنا في التوفيق بين متطلبات الهو والواقع، والواقع والأنا الأعلى كانت الشخصية سوية أما إذا لم ينجح في ذلك كانت الشخصية شاذة

كما أن الإنسان وباعتباره كائن اجتماعي يتأثر بمجتمعه وثقافته من خلال التنشئة الاجتماعية أي من خلال المؤسسات الإجتماعية التي يمر بها ابتداءا من الأسرة فالشلرع والمدرسة وغير ذلك
وانطلاقا من مناقشة النص يظهر لنا أنه لايكمن إخفاء تلك الضغوطات والحتميات التي يتعرض لها الإنسان أي أنه كائن منفعل
وانطلاقا من تحليل ومناقشة النص يتبين لنا أن الصراع لا زال قائما في إشكالية الشخصية بين الحتمية والحرية، فهناك موقفان أساسيان موقف يؤكد أن الإنسان حر وفاعل في تكوين الشخصية وموقف يؤكد على أن الإنسان يتعرض لضغوطات وحتميات تجعله إنسان منفعل

وكإبداء لرأي شخصي يظهر لي أن الإنسان ورغم أنه يتعرض لتلك الحتميات فإنه كائن ذات إرادة وحرية، يستطيع ان يغير شخصيته تغييرا كاملا، والواقع هو الدليل القاطع على ذلك فكم هم الأشخاص الذين ينشئون في بيئة تتميز بصفات معينة ويحاول  التخلص من تلك الضغوطات ليكتسيوا شخصية مختلفة تماما عن الشخصية الحالية. إذن فأنا أتفق مع صاحب النص وأؤيد رأيه تماما.

 

جميع الحقوق محفوظة © أغورا الفلسفة | Agora-Philo
صمم بكل من طرف : Mehdi Bihi