تربويات




درس حرية الاخلاق



تقديم المفهوم :


يعتبر مفهوم الحرية من بين اكثر المصطلحات اللغوية والفلسفية اشكالية في تاريخ الفلسفة، فقد تعددت التعاريف الفلسفية بخصوصها حتى لانكاد نعثر على تعريف جامع مانع لها،غيران هذا لايعدم من وجود تعاريف متكثرة،و كمحاولة منا للدخول إلى عالمها و الوقوف على ماهيتها، نقول أن الحرية تعني عند البعض غياب القيود و القدرة على فعل ما لا ينبغي فعله، و قد تعني مجرد الوعي بما يتحكم فينا من ضرورات و حتميات و أخدها بعين الاعتبار حين القيام بسلوك معين ... و قبل أن نغوص في ثنايا هذا المفهوم يستحسن صياغة الاشكال الجوهري الذي يلامسه كالتالي :

هل الحرية أو الحريات في حاجة إلى ما يضبطها خارجيا أو إلى قانون ينظمها أم هي انبثاق تلقائي لا يخضع إلا لذاته؟

المحور الاول : الحرية والحتمية
اشكال المحور :
ما علاقة الحرية بالحتمية ؟ هل تتعارض الحرية مع الحتمية ، أم أن الوعي بالحتمية هو اتساع لرقعة الحرية ؟

اطروحة "عبد الله العروي" :
يعرض "عبد الله العروي" أسباب انشغال الفكر الراهن ، وبشكل مكثف ،بمسألة الحرية .ويعزو أسباب هذا الانشغال إلى المخاوف التي ولدها التقدم العلمي ، الذي ما فتئ يؤكد على توسيعه لدائرة الحرية الفردية ، فإذا به يقلصها إلى أبعد حد. وأمسى يهدد بتحوله من أداة لفهم الإنسان إلى وسيلة للتحكم والسيطرة عليه .ولتعزيز موقفه وظف العروي أسلوب التقابل ، حيث قابل بين النقاش القروسطوي حول الحرية ، والذي انشغل بإشكالية الجبر والاختيار ومحاولة التوفيق بينهما ، والنقاش الحالي الذي يسعى بدوره إلى التوفيق بين الحتمية العلمية وحرية الوجدان .

إن القول بالحتمية يقلص من دائرة الحرية ، غير أن الوعي بالحتمية يوسع من آفاقها وإمكانياتها .

اطروحة " كارل بوبر":
ينخرط "كارل بوبر" في النقاش لينتقد الحتمية التي جاءت بها العلوم الإنسانية ، مشبهاً إياها بالقدرية القبلية و منادياً بنزعة لا حتمية ،فإذا كانت العلوم الإنسانية تصر على خضوع الإنسان لسلسة من الإكراهات والمحددات،فإن بوبر يدافع عن النزعة اللاحتمية ؛والتي لا تعني ادعاء امتلاك الإنسان لحرية مطلقة ،فالحرية الإنسانية مرهونة بمحددات أساسية تتجلى في العلم الفيزيائي الطبيعي، العلم العاطفي الوجداني والعلم الفكري. غير أن الإنسان وإن كان خاضعا لهذه المحددات ، فإنه في المقابل يختار،بمحض إرادته، من بين إمكانيات عديدة الإمكانية التي تلائمه.


المحور الثاني : الحرية والارادة
اشكال المحور :

هل أفعال الإنسان من إنتاج إرادته أم أنه ملزم بها ؟


اطروحة "ديكارت" :
إن الإنسان كائن حر وحريته حسب "ديكارت" لا تخضع لأي إكراه خارجي، فبإرادته الحرة يختار هذا الفعل أو يحجم عنه . فحرية الإنسان ناتجة عن إرادته المطلقة . غير أن ديكارت يميز بين الحرية الحقيقية، والتي تكمن في القدرة على الاختيار بين أمرين ، والحرية المزيفة التي تنبع من اللامبالاة وتتساوى عندها المتناقضات .

¬ الإنسان كائن حر ، وحريته تقوم على الإرادة والقدرة على الاختيار وليس اللامبالاة .

اطروحة" سارتر" :
يتناول سارتر مفهوم الإرادة باعتباره قوة إعدام، أي القدرة على الهدم مع إعادة البناء، إن الحرية خلق وبناء لذلك تفترض الإرادة حرية أصلية وجوهرية لدى الإنسان، معارضاً بذلك موقف العلوم الإنسانية التي حولت الأفراد إلى كائنات عديمة الحرية والفعل وجردتهم من مقوماتهم الإنسانية . إن الحرية هي ماهية الإنسان وهذا هو فحوى الفلسفة الوجودية.


المحور الثالث : الحرية والقانون
اشكال المحور :

هل تتعارض الحرية مع القانون ؟ ألا يؤدي الإقرار بسلطة القانون وطابعه الإلزامي إلى نفي حرية الإنسان ؟

تصور "طوماس هوبس" :

يقارن هوبس بين الحرية الطبيعية التي تتسم بالفوضى، وتكون باعثاً على الخوف والاقتتال ، والحرية المدنية التي تسير وفق قوانين تعاقدية تضمن لكل فرد حريته شريطة أن لا يخل بحرية الغير والمجتمع . فإذا كانت الحرية الطبيعية تهدد الوجود البشري فإن الحرية المدنية تحميه وتضمن بقاءه .

¬ إن الحرية الحقيقية هي الحرية التي يمارسها العقل في ظل نظام الدولة ، أما الحرية الطبيعية لا تعدو أن تكون فوضى وخراباً للبشرية .


اطروحة "بنجمان كونسطان" :
¬ يقدم كونسطان أطروحته التي تتجاوز المعنى القديم والضيق للحرية مبيناً خصائص الحرية المحدثة التي تراهن على حرية الفرد في الفكر والكلام والحركة اعتماداً على قوانين مشروعة تحمي حقوقه الإنسانية الجسمية منها والفكرية، إن الحرية بمعناها الحديث أكثر عمقاً واتساعاً لأنها امتثال للقوانين وتحقيق للحريات



شارك الموضوع :
جميع الحقوق محفوظة © أغورا الفلسفة | Agora-Philo
صمم بكل من طرف : Mehdi Bihi