درس الغيــــر
نصوص جميع المقررات
المحـــــــور
الأول: وجــــــــود الغيــــــــــــــــــر:
1- نص
مارتن هايدغر: الكتاب المدرسي: في
رحاب الفلسفة.
تهديد الغير
إن التباعد باعتباره خاصية
مميزة للوجود – مع – الغير، يلزم عنه أن الموجود – هنا يجد نفسه داخل وجود- مشترك
يومي تحت قبضة الغير. إن الموجود – هنا، باعتباره وجودا فرديا خاصا، لا يكون
مطابقا لذاته، عندما يوجد على نمط الوجود – مع- الغير، لأن الآخرين أفرغوه من
كينونته الخاصة. فإمكانيات الوجود اليومية للموجود هنا، توجد تحت رحمة الغير.
فالغير في هذه الحالة ليس أحدا متعينا، بل على العكس من ذلك، بامكان أي كان أن
يمثله، فما يهم هو هذه الهيمنة الخفية التي يمارسها الغير على الوجود-هنا عندما
يوجد مع الغير. فالذات نفسها عندما تنتمي إلى الغير تقوي بذلك من سلطته.
إن " الآخرين "،
الذين نسميهم بهذا الاسم لإخفاء أننا ننتمي إليهم بشكل أساسي، هم الذين يوجدون منذ
الوهلة الأولى، و في الغالب، و في الحياة المشتركة على نمط "
الموجود-هنا".
في استعمالنا لوسائل النقل
العمومية، أو في استفادتنا من الخدمات الإعلامية ( قراءة الصحف مثلا )، نجد أن كل
واحد منا يشبه الآخر. فهذا الوجود- المشترك يذيب كليا الموجود – هنا، الذي هو
وجودي الخاص، في نمط وجود الغير، بحيث يجعل الآخرين يختفون أكثر فأكثر و يفقدون ما
يميزهم و ما ينفردون به. عن وضعية اللامبالاة و اللاتمييز التي يفرضها
الوجود-مع-الغير، تسمح للضمير المبني للمجهول " on" أن يطور خاصيته الديكتاتورية التي تميزه.
إننا نتسلى و نلهو كما
يتسلى " الناس " و يلهون، و نقرأ الكتب و نشاهد الأفلام، و نحكم على
الأعمال الأدبية و الفنية كما يقرأ الناس و يشاهدون الأفلام و يحكمون على الأعمال
الأدبية، و ننعزل عن الحشود كما ينعزل الناس عنها و نعتبر فضيحة ما يتعبره الناس
كذلك ( ...)
يمكن أن نقول : لقد أريد
هذا، كما يمكن أن نقول لا أحد أراد هذا فيصبح كل واحد هو آخر، و لا أحد هو هو ، إن
المجهول الذي يجيب عن سؤال من هذا الموجود- هنا ليس شخصا متعينا، إنه لا أحد.
مارتن هايدجر، الوجود و
الزمن، الترجمة الفرنسية لبويم دي ويلهانس، غاليمار، 1964،ص: 158-160
Martin
Heidegger, Etre et Temps.
¯ الطـرح الإشكالـي: هل وجود للغير تهديد
للأنا أم شرط وجوده؟
¯ المفاهيـــم:
- الموجود هنا: وجود
الإنسان بما هو إنسان.
- الوجود مع الغير:
الحياة الاجتماعية التي تحدد وجود الذات.
- الكينونة: هي ما
يمثل جوهر الكيان الشخصي لمل فرد.
- On: ضمير مبني للمجهول يستعمل عادة في الأمثال والحكم التي لا يعرف
قائلها والتي تعبر عن مجموع الآراء والمعتقدات التي يشترك فيها المجتمع.
2- نص جون بول سارتر:
"نظرة الغير" - في رحاب الفلسفة نظرة الغير
إذا كان الغير موجودا، مهما يكن هذا الوجود
أو أينما يوجد، و أيا كانت علاقته معي، و دون أن يؤثر في ذاتي إلا بمجرد انبثاق
وجوده، فإن لي مظهرا خارجا ، و لي طبيعة، و سقوطي الأصلي هو وجود الغير. إن الخجل
– مثله مثل الكبرياء- هو إدراك ذاتي بوصفها طبيعة، و إن كانت هذه الطبيعة نفسها
تفلت مني، و غير قابلة لأن تعرف. ليس هذا الأمر شعورا مني بفقدان حريتي لأصير
شيئا، لكن هذه الحرية توجد هناك، خارج حريتي المعيشة، باعتبارها صفة معطاة لهذا
الوجود الذي أكونه بالنسبة إلى الغير.
إنني أتملك نظرة الغير في صميم فعلي، بوصفها
تجميدا لممكناتي الخاصة و استلابا لها ( ... ) إن الغير بوصفه نظرة ليس غير
تعالي أنا المعلو عليه (Transcendance
transcendé)
. (...) أقدم نفسي لتقديرات الغير و أحكامه من حيث إني موضوع زماني أو مكاني في
العالم ( ... ) [ فكوني أنظر هو كوني] موضوعا مجهولا لتقديرات لا يمكن معرفتها،
خصوصا التقديرات المرتبطة بأحكام القيمة: لكن، و بدقة، في نفس الوقت الذي
أتعرف فيه، بواسطة الخجل أو الكبرياء، أساس تلك التقديرات، فإني لا أكف عن
اعتبارها كما هي، أعني إحداث تجاوز حر للمعطى تجاه عالم الممكنات. إن الحكم (
القيمي ) هو الفعل المتعالي للموجود الحر. و هكذا فإن كوني مرئيا ( من طرف الغير )
يشكلني بوصفي موجودا بدون دفاع عن حرية ليست هي حريتي.
بهذا المعنى نظهر للغير، بحيث نستطيع اعتبار
أنفسنا " عبيدا "، لكن هذه العبودية ليست النتيجة التاريخية و الممكن
تجاوزها، لحياة ذات شكل مجرد للشعور. فأنا عبد بالقدر الذي يرتبط فيه وجودي بحرية
ليست حريتي، لكنها الشرط الأساسي في وجودي
جان بول سارتر، الوجود و العدم، بحث في
الانطولوجيا الظاهراتية، ترجمة عبد الرحمان بدوي، منشورات دار الآداب، بيروت
1966،ص: 441-448 ( بتصرف ).
الكتاب المدرسي : في رحاب الفلسفة
¯ الطـرح الإشكالـي:
هل نظرة الغير تشكل شرطا أساسيا لوجود الأنا؟
¯ المفاهيـــم:
- الغير : هو أنا آخر يشبهني في كونه ذاتا واعية، وفي نفس الوقت يختلف عني.
- الحرية: استقلالية الذات فكرا وتصرفا، وعدم خضوعها لأية إكراهات خارجية.
- التعالي: الخاصية الأساسية للذات والتي لا تنفصل عن حريتها.
3- نص جون بول سارتر: مناهج الفلسفة: الغير هو أنا آخر
هذا الغير الذي لا يمكن أن ندرك علاقته مع
الأنا و الذي لا يعطى أبدا، نحن الذين نكونه و نكونه شيئا فشيئا كموضوع عيني : إنه
ليس الأداة التي تفيد في توقع حادث تجريبي هي التي تفيد في تشييد الغير من حيث هو
غير، أي من حيث هو نظام من التمثلات بعيد عن المتناول بوصفها موضوعا عينيا و قابلا
لأن يعرف. و ما أقصده دائما من خلال تجاربي هو مشاعر الغير، و أفكار الغير، و
إرادات الغير، و طابع الغير. ذلك أن الغير ليس فقط من أشاهد بل هو من يشاهدني
أيضا. فأنا أقصد الغير من حيث هو نظام مترابط من التجارب المستقلة عني فيه أكون
أنا موضوعا بين عدة موضوعات أخرى. لكن بالقدر الذي به أجتهد في تعيين الطبيعة
العينية لهذا النظام من التمثلات و المكانة التي أشغلها فيه بوصفي موضوعا، فإني
أعلو كليا و أتجاوز نطاق تجربتي : فأنا أهتم بسلسلة من الظواهر التي – من حيث
المبدأ – لا يمكن أن تكون في متناول إدراكي، و بالتالي، أنا أتجاوز حدود معرفتي، و
أسعى ، كي أربط فيما بينها، نحو تجارب لن تكون أبدا تجاربي. و تبعا لذلك فإن عمل
التركيب و التوحيد هذا لا يمكن أن يغير شيئا في توحيد تجربتي الخاصة، فبالقدر الذي
يكون به الغير غيابا فغنه يند عن الطبيعة. فلا يمكن إذن وصف الغير بأنه تصور منظم.
صحيح أن أفكارا مثل : العالم، تخرج من حيث المبدأ عن تجربتي، و لكنها على الأقل
ترجع إليها و لا معنى لها إلا بتجربتي، لأنه بالنسبة له لست ذاتا بل موضوعا. فأنا
أسعى بكل جهدي إذن بوصفي ذاتا يعترف، إلى أن أعامل الذات التي تنكر كوني ذاتا، و
تحددني بوصفي موضوعا، أن أعاملها كموضوع...
إن الغير هو
الآخر، أي الأنا الذي ليس إياي، فنحن نرى هنا إذن أن السلب بنية مكونة لوجود –
الغير- [...] فالغير هو من ليس إياي، و هو من لست انا إياه. و كلمة " ليس
" تشير هنا إلى العدم بوصفه عنصر فصل معطى بين الغير و بين نفسي. فهناك عدم
يفصل بيني و بين الغير. و هذا العدم لا يستمد أصوله من ذاتي أنا، و لا من الغير، و
لا من علاقة متبادلة بين الغير و بيني، بل هو أصلا اساس كل علاقة بين الغير و
بيني، كغياب أولي للعلاقة. ذلك ان الغير يبدوا لي تجريبيا بمناسبة ادراك جسم، و
هذا الجسم هو في – ذاته خارج عن إحساسي، و نمط العلاقة التي يصل و يفصل بين هذين
الجسمين هو العلاقة الممكنة مثل رابطة الأشياء التي ليس بينها علاقة.
جان بول سارتر، الوجود و العدم، ترجمة عبد
الرحمان بدوي، منشورات دار الآداب، بيروت 1966،ص ص، 390-394 (بتصرف)
الكتاب المدرسي : مباهج الفلسفة
¯ الطـرح الإشكالـي:
يطرح النص قضية وجود الغير كأنا آخر منفصل عن وجود الأنا.
¯ المفاهيــم:
- الوجود في ذاته: هو الوجود غير الواعي، وهو وجود الأشياء، ووجود العالم،
ووجود الظواهر.
- العدم: ليس العدم في الفلسفة الوجودية بشيء مفتقر للوجود، بل هو واقع نال
للوجود وملازم له.
-الأنا: حقيقة الإنسان الثابتة والحاملة لكل الحالات النفسية والفكرية، كما
يدل الفظ على الجانب الواعي في شخصية الإنسان.
- جوب بول سارتر: (1905- 1980) فيلسوف وأديب فرنسي، أحد مؤسسي الفلسفة
الوجودية- استلهم المنهج الفينومينولوجي لدراسة الظواهر الإنسانية. من أعماله
الفلسفية: "الوجود والعدم". "نقد العقل الجدلي"
"الخيال"، ومن أعماله الإبداعية: الجدار، الجلسة المغلقة...
4- نص جيل دولوز وفليكس غتاري: مباهج الفلسفة. الغير كعالم ممكن
هل الغير هو بالضرورة، في مقام ثان يالنسبة
إلى أنا ما ؟ إذا كان الغير تاليا، فذلك لأن مفهومه ينطبق على آخر ( ذات تمثل في
صورة موضوع ) خاص بالنسبة إلى الأنا : فهما مكونان إثنان متلازمان. و بالفعل، فلئن
طابقنا بين الغير و بين موضوع خاص، فلن يكون سوى الذات الأخرى كما تتبدى لي أنا.
و لئن طابقنا بينه و بين ذات أخرى، فإنا أناي هي التي ستبدو له بوصفها غيرا.
فكل مفهوم يحيل إلى مشكلة ما، أو إلى مشكلات لا معنى له من دونها، و لا يسعنا
استخلاصها أو فهمها إلا بمقدار ما نتقدم في حلها : ها هنا، نجد أنفسنا إزاء
مشكلة تتعلق بتعدد الذوات، و بعلاقتها و تمثلاتها المتبادلة. غير أن الأمر قد
يتغير بالطبع، لو تصورنا اكتشاف مشكلة أخرى من قبيل : فيما يكمن وضع الغير الذي
تعمل الذات الأخرى على " استغراقه " فحسب، و ذلك حين يتبدى لي بوصفه
موضوعا مخصوصا، و الذي آتي بدوري " لأستغرقه " بوصفي موضوعا خاص حينما
أتبدى له ؟ ليس الغير، من هذا المنظور، شخصا و لا ذاتا و لا موضوعا. هناك تعدد
للذوات لأن هناك غيرا و ليس العكس. و على هذا يقتضي الغير مفهوما قبليا يتفرع عنه
الموضوع الخاص و الذات المغايرة و الأنا، و ليس العكس. فالنظام المفاهيمي تغير
بمقدار تغير طبيعة المفاهيم، و بمقدار تغير المشكلات التي يفترض في المفاهيم أن
تجيب عنها.
و فجأة ينبري وجه مذعور ينظر إلى شيء خارج
حقل التجربة. لا يظهر الغير، هنا كذات و لا كموضوع، و إنما يتبدى، بخلاف ذلك،
بوصفه عالما ممكنا، أو بوصفه امكانية لعالم مرعب. إن هذا العالم ليس واقعبا، أو لم
يتحقق بعد في الواقع، و مع ذلك فهو قائم الوجود، فهو عالم معبر عنه، لا يوجد إلا
في تعبيره، أي تعبير الوجه أو ما يعادله.
فالغير هو، أولا هذا الوجود لعالم ممكن : و
هذا العالم الممكن له أيضا حقيقته الخاصة في ذاتهن من حيث هو عالم ممكن. إذ يكفي
أن يتكلم الشخص و يعبر قائلا " انا خائف "، لكي يمنح تحققا للعالم
الممكن من حيث هو ممكن " حتى و إن كان كلامه كذبا ". فليس لضمير "
الأنا " معنى آخر غير كونه علامة لسانية، كما أنه ليس ضروريا : إن الصين عالم
ممكن، لكنها تغدو واقعا حينما نتكلم اللغة الصينية أو نتكلم عن الصين ضمن حقل مفطى
من حقول التجربة... هذا، اذن هو مفهوم الغير الذي لا يفترض شيئا آخر غير تحديد
عالم محسوس باعتباره شرطا. و ينبري الغير ضمن هذا الشرط كتعبير عن عالم ممكن.
إن الغير هو عالم ممكن، كما يتبدى في محيا من
يعبر عنه، و كما يحصل عبر لغة تمنحه صورة متحققة. الغير بهذا المعنى، هو مفهوم ذو
ثلاثة مكونات متلازمة : عالم ممكن، وجه قائم الوجود، " كلام أو لغة واقعية
".
Gilles Deleuze et Félix Guattari,
Qu'est-ce que la philosophie?, Ed de Minuit, 2005, pp 21-23.
¯ الطـرح الإشكالــي:
يطرح النص قضية من زاوية الوجود الممكن.
¯ المفاهيـــم:
- الموضوع: ما هو مفكر فيه وخاضع لنشاط الذات العارفة، أو ما تضعه الذات
وتتخذه مادة للمعرفة والتفكير.
- الذات: تقال الذات كمقابل للموضوع وقد تعني النفس والشخص.
- الغير: هو الأنا الآخر بوصفه ذاتا واعية تختلف عن الأنا.
- البنية: هي مجموعة أو منظومة من العناصر المترابطة بحيث تشكل كلا موحدا،
تتحدد داخله العناصر المكونة له بعلاقاتها المتبادلة وبقوانين داخلية.
- جيل دولوز: (1925- 1995)، فيلسوف فرنسي من أعلام فلسفة الاختلاف، من
مؤلفاته: "نيتشه والفلسفة" (1962) – "الاختلاف والتكرار"
"منطق المعنى" 1969.
- فيليكس غتاري: (1930 / 1992) مفكر ومحلل نفسي فرنسي، ساهم مع جيل دولوز في
إنتاج كتب عديدة من أبرزها: "مضاد أوديب" 1972 – "ألف مسطح"
1980 – "ما الفلسفة" 1991.
5- نص موريس ميرلوبونتي: منار الفلسفة: لقد شكلت مسألة وجود الغير
صعوبة و إحراجا بالنسبة للفكر الموضوعي. فإذا كانت أحداث العالم-وفق ما قال به
لاشوليي- عبارة عن نسيج من الخصائص العامة، و توجد في مفترق العلاقات الوظيفية
التي تسمح، مبدئيا، بإمكانية تحليلها، و إذا كان الجسد يعتبر بمثابة جزء من العالم
و بمثابة ذلك الموضوع الذي يحدثني عنه عالم البيولوجيا، و تلك السلسلة من العمليات
التي يمكن أن أجد تحليلا لها في كتب الفيزيولوجيا، و ذلك الركام من الأعضاء الذي
أجد وصفا تفصيليا له في لوحات عالم التشريح، فإن تجربتي لن تكون آنذاك شيئا آخر
عدا المواجهة مع وعي خالص، و كدا مع نسق الترابطات الموضوعية المفكر فيها. إن جسد
الغير – مثلما هو الأمر بالنسبة لجسدي الخاص – ليس مأوى و إنما هو موضوع يوجد أمام
وعي يفكر فيه أو يبنيه. فالناس مثلهم في ذلك مثلي كائنات امبريقية، فلسنا سوى آلات
متحركة بواسطة نوابض، لأن الذات الحقيقية متفردة. و هذا الوعي الذي سيختبئ داخل
قطعة لحم نيئة هو أكثر الصفات الخفية غموضا، و لا يمكن لوعيي أن يلاقي وعيا آخر
يكشف في العالم عن سريرة ظواهره الخاصة التي أجهلها. هناك نوعان من الوجود و لا
شيء غيرهما: الوجود في ذاته، و يخص الأشياء المنتشرة في المكان، و الوجود لذاته و يخص
الوعي. و الغير سيكون أمامي باعتباره وجودا في ذاته و من أجل ذاته. و هذا سيتطلب
مني القيام بعملية متناقضة من أجل ادراكه، إذ ينبغي علي أن أميزه عني، في الآن
نفسه، أي أن أضعه في عالم الأشياء، و أن أفكر فيه كوعي، أي مثل كائن بدون خارج و
بدون أجزاء. و لا يمكنني النفاذ إليه إلا لكونه أنا. و لأن المفكر و المفكر فيه
يختلطان داخل ذلك الغير، فلا مكان للغير و لتعددية الوعي في الفكر الموضوعي..
Merleau-Ponty,
Phénménologie de la perception, Gallimard, 1954, pp 401-402.
¯ صاحب النص: موريس ميرلوبونتي (1909/1961)، فيلسوف فرنسي
معاصر من أعلام الفلسفة الظاهراتية، عين أستاذا للفلسفة في عدة مدارس ثانوية
وأستاذ بكلية الآداب بجامعة ليون سنة 1955. له عدة مؤلفات منها: "ظاهراتية
الإدراك" سنة 1945 ثم "علامات" سنة 1960 ثم كتاب "المرئي
واللامرئي" سنة 1961 ثم "بنية السلوك"...
¯ إشكـال النــص:
كيف يمكن النظر إلى وجود الغير حسب ميرلوبونتي؟
¯ المفاهيــم:
- وجود : مفهوم يستعمل في مقابل العدم، ويدل على الحقيقة الواقعية التي نعيش
فيها، وذلك في مقابل الحقيقة المجردة أو النظرية.
- وعي: وهو مجموع العمليات الشعورية التي يمكن الذات من إدراك مباشر لذاتها
ولما تقوم به ولما يحيط بها. ويرتبط الوعي بنشاط الفرد وبتطور اللغة لديه. إن
الوعي يستوعب التاريخ والمعرفة والتجربة.
- أمبريقي: يقال عن الأشخاص وعن معارفهم وقواعد أفعالهم، إنهم أمبريقينون إذا
كانوا ليتمسكون بالتجربة المباشرة.
6- نص جون بول سارتر: منار الفلسفة: لننظر مثلا إلى الخجل، إن
ضرب من الشعور، إنه شعور غير مباشر بالذات كخجل، و هو بهذا الشكل مثال لما يسميه
الألمان بالمعيش، فهو سهل و ممكن تأمله. و فضلا عن ذلك فإن تركيبه قصدي، إنه إدراك
خجول لشيء ما، و هذا الشيء هو أنا، إني خجول مما أكونه. فالخجل يحقق إذن علاقة
باطنية بين الأنا و الأنا، و قد اكتشفت في الخجل مظهرا من وجودي، و مع ذلك فعلى
الرغم من أن بعض الأشكال المركبة و الشتقة من الخجل يمكن أن تظهر على المستوى
التأملي، فغن الخجل ليس أصلا ظاهرة التأمل. و الحق أنه مهما تكن النتائج التي يمكن
الحصول عليها في الخلوة بواسطة الممارسة الدينية للخجل، فإن الخجل في تركيبه الأول
هو خجل أمام شخص ما. لقد قمت بحركة غير لائقة، و هذه الحركة تلتصق بي، لا احكم
عليها و لا ألومها، بل أحياها فقط، و أحققها كنمط من أنماط الوجود من أجل الذات.
لكن ها أنذا أرفع رأسي فجأة، و كأن هناك أحدا رآني، و أتحقق من
كل ما في حركتي من سوقية فاخجل. و من المؤكد أن خجلي ليس تأمليا، لأن حضور الغير
في شعوري.. لا يتوافق مع الموقف التأملي. ففي مجال تأملي الخاص لا أستطيع أبدا أن
أجد سوى الذي هو شعوري، و لكن الغير هو الوسيط الذي لا غنى عنه بيني أنا و بين
نفسي : فأنا خجول من نفسي من حيث أتبدى للغير. و بظهور الغير، أصبح في مقدوري أن
أصدر حكما على نفسي كما أصدره على موضوع ما، لأني أظهر للغير بوصفي موضوعا، و مع
ذلك لإن هذا الموضوع المتبدى للغير، ليس صورة تافهة في عقل الغير. إن هذه الصورة
ستنتسب كلها إلى الغير، و لا يمكن أن « تمسني ». و يمكنني أن أحس بالضيق و الغضب
إزاءها، كما يحدث أما صورة لنفسي تضفي عليا قبحا..
و هكذا نجد أن الخجل هو خجل من الذات أمام الغير. فهاتان
البنيتان غير منفصلتين، و لكن في الوقت نفسه أنا في حاجة إلى الغير لأدرك إدراكا
كاملا كل بنيات وجودي، و لهذا لإن ما هو من أجل ذاته يحيل على ما من أجل الغير.(
في نظر الغير).
J.P.Sartre,
l'etre et le néant, Paris ,
Gallimard, 1957, pp.275-277.
الكتاب المدرسي: منار
الفلسفة
¯ صاحـب النص: جون بول سارتر (1905 – 1980)، فيلسوف وأديب فرنسي،
أحد مؤسسي الفلسفة الوجودية، استلهم المنهج الفينومينولوجي لدراسة الظواهر
الإنسانية. من أعماله الفلسفية: "الوجود والعدم"، نقد العقل
الجدلي"...
¯ إشكـال النـص: هل
وجود الغير حسب سارتر سيكون سببا في الحد من حر الأنا، أم سببا في وعيه بذاته
ووجوده؟.
¯ مفاهيم النص:
- الأنا: حقيقة الإنسان الثابتة والحاملة لكل الحالات النفسية والفكرية، كمل
يدل اللفظ على الجانب الواعي في شخصية الإنسان.
- الغير
- الإدراك: معرفة مباشرة للأشياء بواسطة الحواس.
¯ صاحب النص: ادموند
هوسمل (انظر ما سبق)
¯ إشكــال النــص:
كيف أعي وأدرك الغير؟
¯ المفاهيـــم:
- ترنسندنتالية: Transcendantal وتعني الوعي
الخالص، أي الوعي الخالي من كل معطيات التجربة سواء الخارجية منها أو الداخلية.
- التجربة:
- الوجود:
- موضوع:
المحـــور الثانــــــي:
معرفـــــة الغيــــــــــــــر .
1- نص ادموند هوسرل: في رحاب الفلسفة.
البينذاتية أساس معرفة الغير
إني أدرك الآخرين –
أدركهم بوصفهم موجودين في الواقع - داخل سلسلات من التجارب المتغيرة
والمتطابقة في نفس الآن ، وأدركهم كذلك بوصفهم موضوعات في العالم ، لا مجرد أشياء
من الطبيعة ، وإن كانوا يشكلون جزءا منها .
يظهر لنا " الآخرون
" في التجربة بوصفهم المتحكمين نفسيا في أجسامهم الفيزيولوجية . ولما
كانوا مرتبطين بأجسامهم بطريقة خاصة ، ويشكلون " موضوعات نفسية – طبيعية
" ، فهم موجودون في العالم .في نفس السياق ، فأنا أدركهم في الوقت نفسه
باعتبارهم ذواتا لهذا العالم نفسه : إنهم ذوات تدرك العالم ، العالم ذاته ،
الذي أدركه ومن هنا تتكون لديهم تجربة عني أنا ، كما تتكون لدي تجربة عن
" العالم " ، ومن خلاله عن " الآخرين
" (....) .
لدي في ذاتي ، وفي إطار حياتي
الشعورية الخالصة المختزلة بشكل متعال تجربة عن " العالم "
وعن " الآخرين " - وهذا طبقا للمعنى نفسه لهذه التجربة - لا
بوصفها عملا لنشاطي التركيب والخاص بي على نحو ما ، بل بوصفها تجربة عن عالم غريب
عني ، عالم " بينذاني " موجود لكل واحد منا وموضوعاته في متناولنا
. ومع ذلك ، لكل واحد منا تجاربه الخاصة به ، ووحدات تجاربه وظواهره ، كل واحد
" ظاهرة للعالم " خاصة به ، بينما عالم التجربة موجود في ذاته ، في
مقابل كل الذوات التي تدركه، في مقابل كل عوالمها الظواهر . فكيف يمكن أن
نفهم ذلك ؟ (...)
إن المشكلة تعرض في البداية
كمشكلة خاصة ، غنها تطرح بصدد " وجود الغير لأجل الأنا " ومن
تم تطرح بوصفها مشكلة لنظرية متعالية في تجربة الآخر ، مثل مسألة
" التوحد بالآخر حدسيا " ( Einfûblung ) . لكن مدى
أثر مثل هذه النظرية ينكشف لنا توا باعتباره أكبر مما يبدو لنا من أول وهلة : إنها
تعطينا في نفس الوقت قواعد لتأسيس نظرية متعالية عن عالم موضوعي .
وكما بينا ذلك سابقا ، فالأمر
يتعلق بالبحث في معنى وجود العالم ، وبصفة خاصة ، بمعنى لفظ "
الطبيعة " بوصفها طبيعة موضوعية ، توجد لكل واحد منا ، إنها
الخاصية التي نفهمها كلما تحدثنا عن الواقع الموضوعي .
إدموند هوسرل ، تأملات ديكارتية ، المدخل إلى الفينومينولوجيا ، التأمل
الخامس ، الترجمة الفرنسية ، بيفير وليفيناس ، فران 1980 ، ص : 76-77 .
Edmund
husserl , méditations cartésiennes . الكتاب المدرسي
: في رحاب الفلسفة
¯ صاحب النص: هوسرل (ادموند) 1859/1838، فيلسوف الماني، مؤسس
للمذهب الفينومينولوجي الداعي إلى "الرجوع إلى الأشياء ذاتها" وفق تصور
يجعل الفلسفة علما صارما لا ينسى عالم المعيش. من أعماله: "تأملات
ديكارتية"، أبحاث منطقية"، "أزمة العلوم الأوربية والفينومينولوجية
المتعالية".
¯ الطـرح الإشكالـي:
إلى أي حد تشكل البينذاتية، باعتبارها مفهوم يطرح علاقة الأنا بالآخرين، أساس
معرفة الغير؟
¯ مفاهيـم النـص:
- بينذاتية: Intersubjectivité: هي علاقة
تفاعل بين ذاتين باعتبارهما وعيين يوجدان داخل مجال إدراكي مشترك ومتساو؛ يجعل كل
ذات غيرا بالنسبة للأخرى.
- المتعالي: يعني وضع كل المعطيات الأمبريقية للأنا الطبيعي وللحياة النفسية
والتي ترد الوعي إلى وعي خالص أو وعي متعال.
- توحد حدسي: ويقصد به التوحد الحدسي بالغير، يأخذ مكانه، ويعيش تجربته، لكي
يتمكن نم إدراك العالم "موضوعيا".
2- نص غاستون بيرجي – في رحاب الفلسفة. عزلة الأنا
كيف لا أحس (...) بأن هذه
الحميمية مع ذاتي التي تحميني وتحددني ، هي عائق نهائي أمام كل تواصل مع
الغير ؟ فقبل قليل ، كنت بالكاد موجودا وسط الآخرين . ولآن ، اكتشفت فرحة الإحساس
بأنني أحيا إلا أنني وحيد في الانتشاء بفرحي . إن روحي ملك لي فعلا ،
غير أنني سجين داخلها ، ولا يمكن للآخرين اختراق وعيي ، مثلما لا يمكنني
فتح أبوابه لهم حتى ولو تمنيت ذلك بكل صدق (...) إن نجاحي الظاهر يخفي هزيمة
شاملة : فالتجربة الذاتية وحدها هي الوجود الحقيقي ، وهي تجربة تظل غير قابلة ،
اعتبارا لجوهرها ، لتكون موضوع نقل أو إخبار . فأنا أعيش وحيدا محاطا
بسور ؛ وأشعر بالعزلة أكثر من شعوري بالوحدة ، وعالمي السري سجن
منيع .
واكتشف، في نفس الوقت ،أن أبواب
عالم الآخرين موصدة في وجهي وعالمهم منغلق بقدر انغلاق عالمي أمامهم . إن ألم
الغير ، يكشف لي بمرارة انفصالنا الجدري عن بعضنا البعض ،انفصالا لا يقبل بتاتا
الاختزال .فعندما يتألم صديقي ،يمكنني ،بكل تأكيد ، مساعدته بفعالية ،ومواساته
بكلامي ،ومحاولة تعويض الألم الذي يمزقه بلطف .غير أن ألمه يبقى رغم ذلك
،ألما برانيا بالنسبة لذاتي .فتجربة الألم تظل تجربته الشخصية هو وليست تجربتي أنا
.إني أتعذب بقدر ما يتعذب ، وربما أكثر منه ،لكن دائما بشكل مغاير تماما عنه .فأنا
لا أكون أبدا "معه" بشكل كلي (......)
هكذا هو الإنسان ،سجين في
آلامه ،ومنعزل في لذاته ووحيد في موته (...)محكوم عليه بان لا يشبع أبدا رغبته في
التواصل،والتي لن يتخلى عنها أبدا.
غاستون بيرجي ، من القريب
إلى الشبيه ، حضور الغير ، عمل جماعي ، 1957 ، ص 89 – 88
Gaston
berger , du prochain au semblable , Esquisse d'une phénoménoloqie de la
solitude .
الكتاب المدرسي : في رحاب الفلسفة
¯ صاحب النص: غاستون بيرجي (1960- 1896) فيلسوف فرنسي مؤسس المركز
الجامعي الدولي، اشتهر بدراساته على هرسل، وفي علم الطبائع، عضو بأكاديمية علوم
الأخلاق والسياسة سنة 1955. من مؤلفاته: "أبحاث في شروط المعرفة"
(1941)، الكوجيطو في فلسفة هوسرل (1950)...
¯ الطرح الإشكالي: هل الغير فعلا يعيش عزلة رغم علاقات التعاطف
والمشاركة مع الغير.
¯ مفاهيـم النـص:
- الحميمية: هي ما يجعل الذات تعيش حياتها الخاصة دون تدخل الغير.
- وعي: العمليات الشعورية التي تمكن الذات من إدراك مباشر لذاتها ولما تقوم به
ولما يحيط بها.
- الغير: هو أنا آخر يشبهني في كونه ذاتا واعية، وفي نفس الوقت يختلف
عني.
3- نص ماليبرانش: مباهج الفلسفة:
صعوبات معرفة الغير
" من البين أننا لا نعرف
نفوس الناس الآخرين ، ولا نعرف عقولهم كما هي إلا معرفة قائمة على التخمين .
فنحن حاليا لا نعرف كل تلك الأمور كما هي في ذاتها ، ولا من خلال أفكارها ،
وهي مادامت مختلفة عنا ، فإنه ليس من الممكن لنا أن نعرفها من خلال وعينا الذاتي .
إن أقصى ما يمكننا الوصول إليه هو محاولة إطلاق فرضيات تقول بأن الناس
الآخرين هم من نفس فصيلة ذواتنا . ونحن ندعي أن ما نشعر به هو ذاته ما يشرعون به
(....)
إني اعرف أن اثنين في اثنين تساوي
أربعة ، وأنه من الأفضل أن يكون الإنسان عادلا على أن يكون ثريا ، وأنا لا
أخطئ قط عندما أعتقد أن الناس الآخرين يعرفون هذه الحقائق معرفة جيدة
شبيهة بمعرفتي . فانا أحب الخير والمتعة ، وأكره الشر والألم ، وأنا لا أخطأ عندما
أعتقد أن الناس الآخرين (...) لهم الميول ذاتها (...). لكن عندما يحدث في
جسم انفعال من الانفعالات ، فأنا أخطأ دائما إذا ما حكمت على الآخرين من خلال
ذاتي. فأنا أشعر بالحرارة ؛ وأرى شيئا له حجم كبير ، وأرى لونا من الألوان ،
وأتذوق هذا المذاق أو ذاك عند اقترابي من بعض الأجسام : إنني في كل هذه
الحالات أكون مخطئا إن أنا حكمت على الآخرين من خلال ذاتي . فأنا محط انفعالات
عديدة ، مثلا الميول نحو بعض الأجسام أو النفوس منها ؛ وأنا أطلق الحكم بان
الآخرين يشبهونني . والنتيجة هي أن تقديري عادة ما يكون خاطئا . وهكذا فالمعرفة
التي لنا عن الناس الآخرين تكون كثيرة التعرض للخطأ إذا نحن اقتصرنا في
حكمنا فقط على عواطفنا . "
( ترجمة فريق التأليف ). Malbranche , De la recherche de la
vérité , 1674, L .III,
chap . VII, Vrin, p .259
¯ صاحب النص: نيكولا
ماليرانش (1715/1638)، رجل لاهوت وفلسفة من أتباع العقلانية الديكارتية. مؤلفاته:
"البحث عن الحقيقة" 1675 – 1674 ثم "تأملات مسيحية" 1680، ثم
"حوارات في الميتافيزيقا والدين" 1688.
¯ إشكال النص: هل
معرفة الغير ترقى لمعرفة الكوجيطو، أم أن معرفته تبقى أمرا صعبا.
¯ مفاهيم النص:
- معرفة : العملية التي بواسطتها يدرك العقل موضوعا ما، وهي بذلك
انتقال من الذات المدركة إلى موضوع بهدف فهمه وتفسيره.
- الآخرين: ويقصد بهم الغير بوصفه موجود إلى جانب الأنا.
4- نص موريس ميرلوبونتي - مباهج الفلسفة:
الغير حاضر دوما
" يعتقد أن الغير يحولني
إلى موضوع وينفيني ، مثلما أنني أحوله إلى موضوع وأنفيه . لكن في الواقع ،
لا تحولني نظرة الغير إلى موضوع ، ولا تحوله نظرتي إلى موضوع إلا إذا احتمى كل
واحد منا بأعماق طبيعته الفكرية، و إلا إذا تبادلنا نظرة لا إنسانية ، إلا
إذا أحس كل واحد منا بأفعاله ، لا من حيث هي أفعال مفهومة ، وإنما من حيث
يتم إدراكها وكأنها أفعال حشرة من الحشرات. ذلك ما يحدث ، مثلا
، عندما أكون موضوع نظرة إنسان مجهول .
لكن حتى في هذه الحالة ، لا يتم
الإحساس بالطابع الموضوعي الذي تحدثه نظرة الواحد على الآخر إحساسا ثقيلا إلا لأنه
يأخذ مكان تواصل ممكن .
فنظرة كلب إلي قلما تقلقني .
لكن رفض التواصل هو نمط من أنماط التواصل .
فالحرية المتعددة الشكل ،
والطبيعة المفكرة ، والعمق غير القابل للإستيلاب ، والوجود الذي لا
صفة له ، كل تلك العناصر الموجودة في وفي الغير تسجل حدود كل تعاطف ،
وتوقف بالتأكيد التواصل ، لكنها لا تعدمه .
إذا كان علي أن أتعامل مع إنسان
مجهول لم ينطق بعد الكلمة ، فإمكان أن أعتقد أنه يعيش في عالم آخر ، عالم لا
تستحق فيه أفعالي، أفكاري أن توجد . لكن ما إن ينطق بكلمة ، أو يقوم بحركة
تنم عن حالة نفاذ الصبر ، حتى يكف عن التعالي على ذاتي ، وأقول في
نفسي إن ذلك الصوت صوته ، وتلك الأفكار أفكاره ، ها هو إذن المجال الذي
اعتقدت أنه صعب الإدراك . إن كل وجود الآخرين لا يتعالى بشكل نهائي إلا
عندما يظل خاملا ومنطويا على اختلافه الطبيعي .
فحتى التأملات الكلية التي تفصل
الفيلسوف عن أمته ، وعن أصدقائه ، وعن أحكامه المسبقة ، وعن وجوده
الإمبريقي ، وبعبارة واحدة تفصله عن العالم ، والتي يبدو أنها تتركه
وحيدا وحدة مطلقة ، هي في الواقع فعل ، وكلام ، وبالتالي حوار . فالأنا وحدية لا
يمكنها أن تكون أمرا حقيقيا بشكل صارم ، إلا عند شخص استطاع إدراك وجوده
إدراكا ضمنيا دون أن يكون كائنا ودون أن يفعل شيئا . وهو أمر محال ،
ما دام وجود المرء يعني كونه في العالم . ولا يمكن للفيلسوف أثناء خلوته
التأملية ألا يحمل معه الآخرين ، لأنه في هذا العالم المظلم ، تعلم
بشكل أبدي أن يعاملهم على أنهم أشباهه ، وأن كل علم لا بد وأن ينبني على هذا
الرأي . فالذاتية المتعالية ... هي بين – ذاتية " . ( ترجمة فريق
التأليف )
Maurice
Merleau-ponty , la phénoménologie de la perception , ed .Gallimad .194
¯ صاحــب النـص: موريس ميرلوبونتي (1909 / 1961)، فيلسوف فرنسي
من أعلام الفلسفة الظاهراتية، عين أستاذا للفلسفة في عدة مدارس ثانوية واستنادا
بكلية الآداب بجامعة ليون سنة 1955. له عدة مؤلفات منها: "ظاهراتية
الإدراك" سنة 1945 ثم "علامات" سنة 1960 ثم كتاب "المرئي
واللامرئي" سنة 1961.
¯ إشكـال النـص: هل
معرفة الغير معرفة ممكنة؟ أم لا يمكن النفاذ إلى أعماقه والتواصل معه.
¯ مفاهيـم النـص:
- العمق غير قابل للاستلاب: أي الخصائص المؤسسة للأنا،
والتي لا يمكن التخلي عنها لأي شخص آخر.
- التواصل: الفعل الذي عبره يخرج كل وعي من ذاته كي ينفتح
على الآخر.
- البيئة ذاتية: هي الفضاء القائم بين الذوات وهو مجال
العلاقة المتداخلة بينها.
- الأنا وحدية: الأنا في ..................... ووحدانيته
وعدم ارتباطه بالآخرين.
5- نص جون بول سارتر- منار الفلسفة: الغير هو ذلك الذي
ليس أنا ، ولست إياه . هذا النفي يشير إلى عدم يفصل بيني وبين الغير ...
وهذا العدم لا يستمد أصله مني ولا من الغير ، ولا من العلاقة المتبادلة بيني
وبين الغير ، بوصف هذا العدم غيابا أوليا لتلك العلاقة . لأن الغير
يتجلى على نحو أمبريقي ، بمناسبة إدراك الجسم.وهذا الجسم هو شيء في ذاته ،
وخارجي بالنسبة إلى جسمي . إن نوع العلاقة التي تجمع هذين الجسمين وتفصلهما
هي من نوع العلاقة المكانية الشبيهة للعلاقة بين الأشياء التي لا تربط بينها أي
صلة . فمن يعتقد أنه يدرك الغير عبر جسمه ، يعتبر نفسه منفصلا عنه مثلما ينفصل جسم
عن جسم ، مما يدل على أن المعنى الأنطولوجي للنفي المتضمن في الحكم
" لست زيدا " هو من نوع النفي المتضمن في الحكم
" ليست الطاولة كرسيا " . وهكذا يقوم بين الذوات المختلفة ، التي
يعزى انفصالها إلى الأجسام ، ما يشبه مكانا ، أي عدما معطى (...) فما يفصل
بيننا هو مكان واقعي ( مادي ) أو نظري ( فكري ) . تترتب على هذا الافتراض نتيجة
خطيرة ، وهي أنه إن كان ينبغي ، فعلا ، لعلاقتي بالغير أن تكون على
نمط العلاقة الخارجية المحايدة ، فإنني لن أستطيع أن أتأثر في وجودي بانبثاق الغير
أو باختفائه مثلما لن يتأثر شيء في ذاته بظهور أو اختفاء شيء آخر في ذاته .
وبما انه لا يمكن للغير أن يؤثر في كينونتي من خلال كينونته ، فإن الكيفية
الوحيدة التي يمكن أن ينكشف لي بها هي أن يتجلى لمعرفتي كموضوع . وأن أكون ذلك
الغير بوصفه تلك الوحدة التي أضيفها بتلقائيتي إلى كثرة متنوعة من
الانطباعات الحسية ؛ أي أنني أنا الذي أكون الغير ضمن حقل تجربتي . ولن يكون الغير
حينئذ ، سوى صورة [ ذهنية ] .
J.P
sartre, L'Etre et le néant , Gallimard, 1943.pp.285-287
¯ صاحـب النـص: (انظر ما سبق)
¯ إشكال النص: هل العلاقة بين الأنا والغير هي علاقة إقصاء
وتشيء، ام علاقة تساهم في وعي الأنا بذاته ووجوده.
¯ المفاهيـــم:
-
الغير
-
العدم
-
العلاقة
-
وجود
-
كينونة
-
موضوع
6- نص مالبرانش – منار الفلسفة:
صعوبات معرفة الغير
" من البين أننا لا نعرف
نفوس الناس الآخرين ، ولا نعرف عقولهم كما هي إلا معرفة قائمة على التخمين .
فنحن حاليا لا نعرف كل تلك الأمور كما هي في ذاتها ، ولا من خلال أفكارها ،
وهي مادامت مختلفة عنا ، فإنه ليس من الممكن لنا أن نعرفها من خلال وعينا الذاتي .
إن أقصى ما يمكننا الوصول إليه هو محاولة إطلاق فرضيات تقول بأن الناس
الآخرين هم من نفس فصيلة ذواتنا . ونحن ندعي أن ما نشعر به هو ذاته ما يشرعون به
(....)
إني اعرف أن اثنين في اثنين
تساوي أربعة ، وأنه من الأفضل أن يكون الإنسان عادلا على أن يكون ثريا ،
وأنا لا أخطئ قط عندما أعتقد أن الناس الآخرين يعرفون هذه الحقائق
معرفة جيدة شبيهة بمعرفتي . فانا أحب الخير والمتعة ، وأكره الشر والألم ، وأنا لا
أخطأ عندما أعتقد أن الناس الآخرين (...) لهم الميول ذاتها (...). لكن عندما يحدث
في جسم انفعال من الانفعالات ، فأنا أخطأ دائما إذا ما حكمت على الآخرين من
خلال ذاتي. فأنا أشعر بالحرارة ؛ وأرى شيئا له حجم كبير ، وأرى لونا من
الألوان ، وأتذوق هذا المذاق أو ذاك عند اقترابي من بعض الأجسام : إنني في
كل هذه الحالات أكون مخطئا إن أنا حكمت على الآخرين من خلال ذاتي . فأنا محط
انفعالات عديدة ، مثلا الميول نحو بعض الأجسام أو النفوس منها ؛ وأنا أطلق الحكم
بان الآخرين يشبهونني . والنتيجة هي أن تقديري عادة ما يكون خاطئا . وهكذا
فالمعرفة التي لنا عن الناس الآخرين تكون كثيرة التعرض للخطأ إذا نحن
اقتصرنا في حكمنا فقط على عواطفنا . "
( ترجمة فريق التأليف ). Malbranche , De la recherche de la vérité , 1674, L .III, chap . VII,
Vrin, p .259
¯ صاحـب النـص: مالبرانش (1638/1715) انظر ما سبق
¯ إشكـال النـص : هل
معرفة الغير من خلال الأنا أمر ممكن أم غير ممكن؟
¯ مفاهيـم النـص:
-
معرفة.
-
الذات.
-
الوعي.
7- نص
موريس ميرلوبونتي – منار الفلسفة.
¯ صاحـب النـص: موريس ميرلوبونتي.
¯ إشكـال النـص: هل
مشاركة الأنا للغير في أحزانه لا يمكن الأنا من معرفته؟
¯ مفاهيـم النـص:
-
الغير
-
تجربة داخلية
-
الوعي
المحــــور الثالـــث: العلاقــــة مع الغيـر.
¯ الإشكاليــة: ما نوع العلاقة التي تجمع الأنا مع الغير؟ هل هي علاقة
حب وصداقة أم علاقة صراع؟
نص إمانويل كانط: الكتاب المدرسي في رحاب الفلسفة. الصداقة حب واحترام
إن الصداقة في صورتها المثلى، هي اتحاد بين شخصين يتبادلان نفس مشاعر الحب
والاحترام. ونرى بسهولة أن الصداقة عبارة عن "مثال" (Idéal) للتعاطف والتواصل بين الناس؛ وغاية لهذا المثال تحقيق خير
الصديقين اللذين جمعت بينهما إرادة طيبة أخلاقية، بالرغم من أن الصداقة لا تضمن
سعادة الحياة.
إن قبول هذا المثال يجعلنا مؤهلين للبحث عن السعادة مادامت الصداقة تمثل
بالنسبة للإنسان واجبا. هذا يعني أنه من السهل أن ننظر إلى الصداقة باعتبارها فكرة
بسيطة، يستحيل تحقيقها فعلا. غير أن السير في اتجاه تحقيقها يشكل واجبا عقليا غير
عادي، ومع ذلك سيحقق هذا الواجب الخضوع له بكل احترام.
كيف يمكن للإنسان في علاقته بقريبه أن يساوي بين العناصر المطلوب توفرها في
واجب أخلاقي ما، فواجب الرعاية والعناية المتبادلة مثلا بين شخصين يفترض حضور نفس
الاستعداد العقلي عند الطرفين معا (...). إن احد الشخصين عندما يظهر حماسا في
مشاعر الحب والاحترام، يصل في هذه الحالة إلى التوازن المطلوب للصداقة.
لذلك، يمكن تصور مشاعر الحب باعتبارها قوة جذب بين صديقين، ومشاعر الاحترام
قوة دفع بينهما. ويتولد عن الحب تجاذب بين الصديقين، ويتولد عن الاحترام تباعد
بينهما.
يمكن للملاحظات الآتية أن تثير انتباهنا إلى الصعوبات التي تواجهها الصداقة:
فإذا تناولناها من جانبها الأخلاقي، فواجب الصديق تنبيه صديقه إلى أخطائه متى
ارتكبها، لأن الأول يقوم بهذا التنبيه لأجل خير الثاني، وهذا الواجب هو واجب حب
الأول تجاه الثاني. بينما تشكل أخطاء الثاني تجاه الصديق الأول إخلالا بمبدأ
الاحترام بينهما (...) لكن كيف لا نتمنى أن يكون لنا صديق في وقت الشدة! ألا نكون
في هذا التمني نشغر بقيد يشدنا إلى قدر غيرنا، فيضيف إلينا مشقة تحمل أعبائه. لا
يجب إذن أن تقوم الصداقة على منافع مباشرة ومتبادلة، بل يجب أن تقوم على أساس
أخلاقي خالص.
إمانويل كانط، ميتافيزيقا الأخلاق، الجزء الثاني، ترجمه إلى
الفرنسية آلان رونو، فلاماريون، 1994، ص: 342-343
1-
Emmanuel Kant, Métaphysique des mœurs II.
¯ صاحب النص: إمانويل
كانط (1724 – 1804) فيلسوف ألماني، يعتبر أكبر ممثل للفلسفة النقدية في القرن 18.
اتسمت فلسفته بالنزعة النقدية الموجهة للميتافيزيقا. وقد سعى إلى تحديد الشروط
القبلية للمعرفة والأخلاق. من أعماله: "نقد العقل الخالص"، "نقد
العقل العملي"، "نقد ملكة الحكم".
¯ إشكـال النـص: هل
العلاقة مع الغير هي علاقة الصداقة التي تقوم على الحب والاحترام؟
¯ مفاهيـم النـص:
-
الصداقة: وتفيد العلاقة التبادلية بين شخصين.
-
المثال: Edeal، خاصية ما هو
موجود في الخيال وليس في الواقع، إنها قيمة عليا سامية.
-
السعادة: ضد الشقاء، وهي الرضا التام بما تناله النفس من
الخير.
-
واجب أخلاقي: مبدأ على أساسه يتحتم على الإنسان احترام أخيه
الإنسان، وعدم استعماله كوسيلة أو أداة، بقطع النظر عما يترتب عن هذا الاحترام من
منافع ومصالح.
-
الحب: شعور إنساني نبيل وعاطفي بين طرفين، والمقصود هنا في
النص بين الأنا والغير.
2- نص أوغست كونط – في رحاب الفلسفة. الغيرية
« كل شيء فينا ينتمي
للإنسانية، وكل شيء يأتينا منها: الحياة، والثروة، والموهبة والمعرف والحنان (...)
وهكذا ، فعندما تختزل النزعة الوضعية كل الأخلاق الإنسانية في فكرة واحدة هي أن
يحيا الإنسان من أجل غيره ، فأن هذه النزعة تهدف إلى تهذيب الغريزة البشرية
الكونية وتسييجها ؛ بعد أن تم الارتقاء بالفكر النظري البشري تجاوز كل التركيبات
الذهنية اللاهوتية والميتافيزيقية (...).
لا يمكن للإنسان الأكثر
مهارة وفطنة ونشاطا أن يرد لإنسانية ولو جزءا صغيرا مقابل ما تلقاه منها. يستمر
الإنسان ، كما كان في طفولته ، يتغذى بالإنسانية ، ويتلقى الحماية من الآخرين ،
ويطور قدراته داخلها (...) وذلك كله بفضل الإنسانية عليه (...) لكن وبدل أن يتلقى
كل شيء منها بواسطة آبائه، تنقل الإنسانية له خيراتها عبر فاعلين متعددين غير
مباشرين، لن يتعرف على الكثير منهم.
أن يحيى الإنسان من أجل
الغير، يعني إذن، عد كل واحد منا، واجبا ضروريا ومستمرا ينبثق عن هذه الواقعة
المتعذر تجاوزها وهي: أن يحيى الإنسان بفضل الغير. إنها ، وبدون حماس عاطفي ،
النتيجة الضرورية المستخلصة من تقدير دقيق لمجريات الوقع المدرك فلسفيا في مجموعه
(...)
علاوة على ذلك، يجب أن
يقوم انسجام أخلاقي، وبصفة جوهرية، على الغيرية، فهي وحدها القادرة أن تزودنا
بأعظم زخم للحياة. إن الكائنات البشرية المنحطة، التي تطمح اليوم أن تحيى بفضل
الغير، يجب عليها أن تتخلى عن أنانيتها الهمجية. فإذا ما تذوقت هذه الكائنات، بما
فيه الكفاية، ما تفضلت بتسميته ملذات الوفاء، ستفهم آنذاك أن الحياة من أجل الغير
تمنح الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري بحرية (...)
وحدها دوافع التعاطف
الإنسانية تصنع الانطلاقة الحقيقية الثابتة لحياة من أجل الغير ، حياة يجد فيها كل
واحد من أفراد المجتمع مساعدة من طرف الآخرين ، لكن مقابل هذه المساعدة يقوم هؤلاء
بكبح ميولات الفرد الشخصية والأنانية» .
Auguste Comte: catéchisme positiviste.
¯ صاحب النص: أوغست كونط (1798/1857) فيلسوف ومؤسس الاتجاه الوصفي في
علم الاجتماع، من مؤلفاته "دروس في
الفلسفة الوضعية" "شق السياسة الوضعية". ثم "مواعظ
وضعية" 1852.
¯ إشكال النص: ما
نوع العلاقة التي يجب أن يربطها الإنسان مع الغير؟
¯ مفاهيم النص:
-
الغيرية: هي الحياة من اجل الآخرين وتقديم مصلحتهم على
مصلحة الذات.
-
الغير: هو أنا آخر يشبهني في كونه ذاتا واعية، وفي نفس
الوقت يختلف عني.
-
الإنسانية: هي الحياة التي يعيش فيها الإنسان بصفة عامة،
بوصفه كائنا فاعلا ومنفعلا في الآن ذاته.
3- نص
أرسطو - مباهج الفلسفة. الصداقة أساس العلاقة مع الغير
«
إن الصداقة هي ضرب من
الفضيلة أو على الأقل إنها دائما محفوفة بالفضيلة. وهي فوق ذلك إحدى الإلحاحات
الأشد ضرورة للحياة لأشعر، أحد يقبل أن يعيش بلا أصدقاء ولو كان له مع ذلك كل
الخيرات . وكلما كان الإنسان أكثر غنى وعز سلطانه وعظم جاهه شعر ، على ما يظهر ،
بالحاجة إلى أن يكون له أصدقاء حوله . فيم ينفع المرء الرغد في الواقع إذا لم يكن
أن يضاف إليه الأفضال اذلك،كون على الخصوص وعلى صورة ممدوحة على اللذين يحبهم ؟ ثم
كيف تقتني الخيرات العظيمة وكيف تحفظ بدون أصدقاء يساعدونك على ذلك، وكلما كانت
الثروة أعظم كانت أكثر تعرضا للزوال. كل الناس على اتفاق في أن الأصدقاء هم الملاذ
الوحيد الذي يمكننا الاعتصام به في حالة البؤس وفي الشدائد المختلفة. فحينما نكون
شبانا نطلب إلى الصداقة أن تعصمنا من الزلات بنصائحها ، وحينما نصبح شيوخا نطلب
إليها عنايتها ومساعدتها التي تقوم مقام نشاطنا حيث ضعف السن يجلب عليالناس.ا من
أنواع الخور ، وأخيرا حينما نكون في كل قوتنا نعتمد عليها لنتم بهاء أعمالنا ...
أضف إلى هذا أن قانون الطبيعة يقضي بأن الحب إحساس فطري في قلب الكائن الذي يلد
نحو الكائن الذي ولده . وهذا الإحساس يوجد لا بين الناس فقط بل يوجد أيضا في
الطيور وفي أكثر الحيوانات التي يحب بعضها بعضا حبا متبادلا متى كانت من نوع واحد
ولكنه يظهر على الخصوص بين الناس ... ومن ساح سياحات كبرى أمكن أن يرى كم يكون
الإنسان، في كل مكان، للإنسان شخصا جذابا وصديقا. بل قد يمكن الذهاب إلى حد القول
بأن الصداقة هي رابطة الممالك وأن المشرعين يشتغلون بها أكثر من اشتغالهم بالعدل
نفسه . إن اتفاق الأهالي ليس عديم الشبه بالصداقة وإن هذا الاتفاق هو ما تريد جميع القوانين استقراره قبل كل شيء نفي
الشقاق هو أضر عدو للمدينة. متى أحب الناس بعضهم بعضا لم تعد هناك حاجة إلى العدل.
غير أنهم مهما عدلوا فإنه لا غنى لهم عن الصداقة، وإن أعدل ما وجد في الدنيا بلا جدال هو العدل الذي يستمد
من العطف والمحبة. الصداقة ليست فقط ضرورية ولكنها إضافة إلى ذلك جميلة و شريفة.
إننا ندمج أولئك الذين يحبون أصدقائهم لأن المحبة التي يوليها المرء لأصدقائه
إحساس من أجمل الإحساسات التي شعر بها قلبنا ، بل كثير من الناس يشتبه عليهم لقب
الرجل الفاضل بلقب الرجل المحب .»
أرسطو : الأخلاق
إلى نيقوماخوس، ترجمة أحمد لطفي السيد ج 2، الكتاب 8
¯ صاحـب النـص: أرسطو (384 – 322 ق.م) فيلسوف يوناني وتلميذ أفلاطون،
أسس فلسفته على نقد نظرية المثل الأفلاطونية، وطور فلسفته في اتجاه فيزيائي وواقعي
مع وضع إطار نظري لكل من المنطق والأخلاق والسياسة والميتافزيقا. من مؤلفاته
"الأخلاق إلى نيكومانوس".
¯ إشكـال النـص: هل
العلاقة مع الغير هي أساسا علاقة صداقة أم علاقة صراع؟
-
الفطري: تطلق على الخصائص التي يتمتع بها الإنسان منذ
الولادة، وتكون مستقلة عن الانتساب.
-
الصداقة: وعي العلاقة التبادلية بين شخصين، ويميز أرسطو بين
ثلاثة أنواع من الصداقة: الصداقة التي غايتها اللذة، والتي غايتها المصلحة، والتي
غايتها الأخلاق.
-
الفضيلة: تفيد الأفعال الأخلاقية التي تصدر عن الفرد من
شجاعة، وغيرية، وصداقة...إلخ.
4- نص الكسندر كوجيف – مباهج الفلسفة. منار الفلسفة .العلاقة مع
الغير هي دائما علاقة صراع
"إذا كان الناس
جميعهم – أو على الأصح إذا كانت جميع الكائنات التي هي في طريقها لأن تصبح كائنات
بشرية- تنهج نفس السلوك، فإن الصراع ينبغي أن يؤدي بالضرورة إلى موت أحد الخصمين
أو هما معا. فمن المستحيل أن يتنازل أحدهما عن نفسه للآخر، أو أن يتخلى عن الصراع
قبل موت الآخر، أو أن يعترف بالأخر عوضا أن ينال اعترافه. ولكن، إذا كان الأمر
كذلك، فإن تحقيق الواقع البشري وظهوره سيصبح أمرا متعذرا... ولكي يتحقق الوجود
البشري وينكشف كوعي بالذات، لا يكفي إذن أن يكون الواقع البشري متعددا، بل ينبغي
أيضا أن يكون هذا التعدد متفاضلا أي ينبغي للمجتمع أن يستلزم نوعين من السلوك
البشري متمايزين تمام التمايز.
لكي يتشكل الواقع البشري كواقع معترف به ، ينبغي أن يبقى الخصمان على قيد الحياة بعد صراعهما. وهذا لا يتم
إلا إذا نهجا مسلكين مختلفين أثناء الصراع. فعن طريق أعمال حرة لا يمكن ردها إلى
أي شيء ولا يمكن التنبؤ بها واستنباطها، ينبغي لهما أن يتشكلا ككائنين غير
متكافئين أثناء الصراع وعن طريقه. إن أحدهما ينبغي أن يهاب الآخر دون أن يكون
مفطورا على ذلك، ينبغي له أن يتنازل للآخر، ويرفض المخاطرة بحياته من أجل إرضاء
رغبته في الاعتراف. وينبغي له أن يتخلى عن رغبته وان يرضي رغبة الآخر: ينبغي له أن
يعترف بالآخر دون أن يعترف الآخر به، والحال أن الاعتراف هكذا معناه الاعتراف
بالآخر كسيد، والاعتراف بالذات كعبد \لذلك
السيد.
وبعبارة أخرى، فإن الإنسان في حالة نشأته لا يكون قط إنسانا وكفى. إنه دائما
وبالضرورة إما عبد وإما سيد. إذا كان الواقع البشري لا يمكن أن يتكون إلا كواقع
اجتماعي، فإن المجتمع لا يكون بشريا- على الأقل في أصله- إلا شريطة أن يستلزم
عنصرا للسيادة وآخر للعبودية، ويقتضي وجودا يتمتع باستقلال ذاتي وآخر يتوقف عليه
ويخضع له. لذا، فإن الحديث عن أصل الوعي بالذات يعني بالضرورة الحديث عن (استقلال
الوعي بالذات وخضوعه، عن السيادة والعبودية).
إذا كان الوجود البشري لا يتكون إلا من خلال الصراع الذي يؤدي إلى العلاقة بين
سيد وعبد، فإن التحقيق التدريجي لهذا الوجود لا يمكن أن يتم هو الآخر إلا بدلالة
هاته العلاقة الاجتماعية الأساسية. إذا كان الإنسان لا يختلف عن صيرورته، وإذا كان
وجوده الإنساني في المكان هو وجوده في الزمان وبما هو زمان، إذا كان الواقع البشري
الذي ينكشف ليس في النهاية سوى التاريخ العام، فإن التاريخ ينبغي أن يكون تاريخ
تفاعل السيادة والعبودية".
A. Kojève, introduction à la lecture de Hegel, Gallimard,
Paris, pp. 11-16.
عن كتاب الفلسفة الحديثة، إعداد وترجمة: محمد سبيلا وعبد السلام بن عبد
العالي، الدار البيضاء – إفريقيا الشرق ص 299-301
¯ صاحـب النـص: الكسندر كوجيف (1902/1968)، فيلسوف فرنسي من أصل روسي،
يعتبر من مجددي الفكر الهيجلي، من مؤلفاته: "مقدمة في قراءة هيغل" 1947
ثم "تاريخ محكم للفلسفة الإغريقية".
¯ إشكـال النـص:
لماذا العلاقة مع الغير هي علاقة صراع وليس علاقة صداقة؟
¯ مفاهيـم النـص:
-
الصراع: وهو العلاقة التنافرية بين شخصين، تقوم على أساس
الكراهية ونبذ الآخر.
-
السيد: هو الشخص الذي يفرض هيمنته وسيطرته على العبد.
-
العبد: هو الشخص الذي يخضع لسيطرة السيد ويكون تحت سيطرته.
5- نص هيدغر - منار الفلسفة: «سنوجه اهتمامنا نحو الوجود هنا
باعتباره وجودا خاصا قصد بيان طريقة اللقاء لدى الآخرين . إن هؤلاء الآخرين لا
يمثلون بشكل كلي ما أنا عليه ، كما أنهم لا يمثلون بشكل كلي ما لست إياه ؛ وبالعكس
من ذلك فالآخرون هم بالأحرى أولئك اللذين لا نتميز عنهم بذواتنا ، في أغلب الأحيان
، بالرغم من أننا نوجد بينهم أيضا . فالوجود هنا لايملك خاصية التجاور
الأنطولوجية الثابتة داخل العالم . إن الوجود «مع» يتعلق بنمط الوجود هنا؛ أما
الوجود «أيضا» فهو يدل على مساواة وجود يتحدد كوجود في العالم متبصرا ومنشغلا.
فالوجود «مع» والوجود «أيضا» ينبغي أن نفهمهما بالطريقة التي تفهم بها الموجودات
وليس يتلك التي تفهم بها المقولات. إن العالم الذي أوجد فيه هو دائما العالم الذي
أتقاسمه مع الآخرين، لأن الوجود في العالم هو وجود في العالم «مع»..فالعالم الوجود
هنا هو عالممشترك.. والوجود من أجله هو وجود مع الغير . لا يلتقي الآخرون بسبب
التصور الذي سيميز ذاتا ما عن كل الذوات الأخرى بشكل مباشر ومستمر ، إنهم لا
يلتقون انطلاقا من شكل النظرة الأولى الموجهة نحو الذات والتي سوف تسمح هي وحدها
بإدراك تعارض الغير وتميزه . فالآخرون يلتقون انطلاقا من العالم الذي سيبقى وفقه
الوجود هنا وجودا متبصرا ومنشغلا بشكل أساسي . ينبغي علينا أن نركز اهتمامنا
بدقة على الظاهرة التي أتينا على وصفها، والمتعلقة بهذا اللقاء داخل العالم
الحيوي، دون الانسياق وراء الإغواء السهل لـ «تفسير» بقاء الغير بشكل نظري خالص..
فالوجود هنا يعثر على ذاته ، فيما يفعله وفي حاجاته وفي منتظراته واحتياطاته ،
أي في الوجود المساير للعالم الحيوي داخليا والذي ينشغل به أولا و أخيرا» .
Martin
Heidegger: l'être et le temps ,Gallimard ,1964
¯ صاحـب النـص:
مارتن هايدغر (1889/1976) فيلسوف ألماني معاصر، ينتمي إلى التيار الوجودي. من
مؤلفاته: "كانط ومشكل الميتافزيقا"، "ما الفلسفة"،
"ماهية الحقيقة".
¯ إشكـال النـص: هل
العلاقة بين الأنا والغير (الذوات) هي علاقة اشتراك؟
¯ مفاهيـم النـص:
-
الدازين: Dasein: تعني الوجود (sein)، هنا (da). وتتمثل ماهية الدازين، بالنسبة
لهايدغر في الوجود، ولكن هذا لا يعني أن الدازين يوجد بالضرورة، أو أنه هو الذي
يتحكم في وجوده، بل يعني أن ماهيته ليست شيئا آخر غير طريقة وجوده.
-
الآخر: هو الغير المشارك للانا في الوجود.
6- نص جوليا كرستيفا «ليس الغريب الذي هو اسم مستعار للحقد
وللآخر هو ذلك الدخيل المسؤول عن شرور المدينة كلها ... ولا ذلك العدو الذي
يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى الجماعة . إن الغريب يسكننا على نحو غريب . إنه
القوة الخفية لهويتنا ، والفضاء الذي ينسف بيتنا ، والزمن الذي يتبدد فيه وفاقنا
وتعاطفنا . ونحن إذ نتعرف على الغريب فينا، نوفر على أنفسنا أن نبغضه في ذاته. إن
الغريب ، بوصفه عرضا دالا يجعل الـ «نحن» إشكاليا وربما مستحيلا ، يبدأ عندما ينشأ
لدي الوعي باختلافي ، وينتهي عندما نتعرف على أنفسنا جميعا وندرك أننا غرباء
متمردون على الروابط و الجماعات ...
كيف يصبح الإنسان غريبا ؟
نادرا ما يخطر على بالنا
هذا السؤال، لشدة اقتناعنا بكوننا مواطنين بصورة طبيعية... أما نحن انسقنا إلى
طرحه طرحا سطحيا، فسنضع، على الفور، من يتمتعون بالحقوق الوطنية، في جهة ونقصي من
ينتمون إلى بلد آخر ولم يعرفوا كيف يحرصون على الانتماء إليه في الجهة المقابلة.
حقا إن لفكرة الغريب اليوم ، دلالة حقوقية ، فهي تدل على من لا يتمتع بمواطنة البلد الذي يقطنه . ومن المؤكد أن هذا الضبط
من شأنه تهدئة الخواطر وإتاحة إخضاع الأهواء الشائكة للقوانين، تلك الأهواء التي
يستثيرها تطفل الآخر وانحشاره داخل انسجام أسرة أو جماعة بشرية. غير أن يسكت عن
ضروب القلق والانزعاج التي تتصل بهذه الوضعية الشاذة ، التي تتمثل في أن يتخذ
الإنسان وضعية المختلف داخل جماعة بشرية تنغلق على نفسها مقصية المخالفين لها» .
Julia
Kristéva: Etrangers à nous même, Fayard, 1988
الكتاب
المدرسي: منار الفلسفة
¯ صاحـب النـص: جوليا كرستيفا (1941/.....) كاتبة وفيلسوفة فرنسية من
أصل بلغاري، من مؤلفاتها: "اللغة ذلك المجهول: مدخل إلى اللسانيات". ثم
"الأمراض الجديدة للنفس". ثم "معنى ولا معنى الثورة".
¯ إشكـال النـص: ما
هي طبيعة العلاقة بالغير عند كرستيفا؟
¯
مفاهيـم النـص:
-
الغريب: والمقصود به الغير والآخر.
-
هوية: Identité يدل اللفظ على
الخاصية التي بموجبها إما تطابق الذات ذاتها فتكون هي هي، وإما أنها تميز الذات عن
غيرها. فالهوية إذن مبدأ وحدة واختلاق.
-
الوعي: Conscience يدل اللفظ على
مجموع العمليات الشعورية (انظر ما سبق).
7- نص
موريس ميلوبونتي:
« يقال
من الواجب علينا أن نختار واحدا من الاثنين: إما أنا و إما الغير. إلا أننا نختار
أحدهم ضد الآخر ، ونحن نؤكدها معا. ويقال أيضا إن الغير يحولني إلى موضوع وينفيني،
وأحوله إلى موضوع وأنفيه. والواقع أن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع ، كما لا
تحوله نظرتي إلى موضوع ، إلا إذا انسحب كل واحد منا وقبع داخل طبيعته الفكرة،
وجعلنا نظرة بعضنا إلى بعض لا إنسانية، وإذا شعر كل منا بأن أفعاله، بدلا من أن
تقبل وتفهم، تخضع للملاحظة مثل أفعال حشرة، وذلك ما يحصل مثلا عندما تقع علي نظرة
شخص مجهول . غير أنه حتى في هذه الحالة لا يتحول كل منا إلى موضوع أمام الآخر بفعل
نظرة الغير، ولا تولد هذه النظرة الشعور بالضيق إلا لكونها تحل محل تواصل ممكن:
فالامتناع عن التواصل هونوع من التواصل . إن الحرية ذات الأوجه والأشكال المتعددة
، والطبيعة المفكرة ... كل هذا الذي يضع فينا أنا والغير حدودا لكل تعاطف، يجعل
التواصل معلقا، ولكن لا يعدمه. إذا ما ربطتني صلة بشخص مجهول لم ينطق بعد بكلمة، فإنني أستطيع أن
أعتقد أنه يعيش في عالم آخر لا تستحق أفعالي وأفكاري أن توجد فيه. لكن ما أن ينطق
بكلمة حتى يكف عن التعالي علي : هو ذا صوته و هي ذي أفكاره ، هو ذا المجال الذي
كنت أعتقد أنه يستعصي علي بلوغه . فلا يعلو كل وجود معين على الآخرين بصورة نهائية
إلا حين يبقى عاطلا، ويتوطد في اختلافه الطبيعي».
Maurice
Merleau-ponty: Phénménologie de la perception, Gallimard
, 1967
الكتاب
المدرسي: منار الفلسفة
¯ صاحب النص: موريس
ميرلوبونتي (انظر ما سبق).
¯ إشكال النص: كيف
يجب أن ننظر إلى الغير؟ هل بالتواصل معه، أم بإقصائه وتشييئه.
عبّر عن تعليقكالإبتسامات